ولا إشكال أنهما يقتضيان عقلا نصب الشارع طريقا موصلا إلى التكاليف لأن لا يلزم إهمالها، ولا بد وأن يكون الطريق المنصوب واصلا إلى العباد، إما بنفسه وإما بطريقه - على ما سيأتي المراد من كون الطريق واصلا بطريقه - فان الطريق الغير الواصل بنفسه وبطريقه لا يزيد حكمه عن نفس التكاليف التي انسد باب العلم والعلمي بها، والطريق الواصل بنفسه في حال انسداد باب العلم والعلمي ليس هو إلا الاحتياط (1) فإنه محرز للواقع لما فيه من الجمع بين المحتملات وإدراك الواقعيات. وليس الظن في عرض الاحتياط، فإنه لا يعقل أن تكون حجية الظن منجعلة بنفسها في حال من الحالات، كما في بعض الكلمات، فان الحجية المنجعلة بنفسها منحصرة بالعلم، لكونه تاما في الكاشفية ومحرزا للواقع بنفسه، فالظن لولا التعبد به وتتميم نقص كشفه لا يكون محرزا للواقع، بخلاف الاحتياط فإنه بنفسه بلا حاجة إلى التماس دليل يكون محرزا للواقع، فالطريق الواصل بنفسه بلا مؤنة ليس هو إلا الاحتياط (2) وإذا بطل الاحتياط بأحد الوجوه الآتية يتعين عقلا نصب الشارع الظن طريقا، إذ لا طريق غيره حينئذ. هذا لو كان الوجه في المقدمة الثانية
(٢٤٠)