فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٠
ولا إشكال أنهما يقتضيان عقلا نصب الشارع طريقا موصلا إلى التكاليف لأن لا يلزم إهمالها، ولا بد وأن يكون الطريق المنصوب واصلا إلى العباد، إما بنفسه وإما بطريقه - على ما سيأتي المراد من كون الطريق واصلا بطريقه - فان الطريق الغير الواصل بنفسه وبطريقه لا يزيد حكمه عن نفس التكاليف التي انسد باب العلم والعلمي بها، والطريق الواصل بنفسه في حال انسداد باب العلم والعلمي ليس هو إلا الاحتياط (1) فإنه محرز للواقع لما فيه من الجمع بين المحتملات وإدراك الواقعيات. وليس الظن في عرض الاحتياط، فإنه لا يعقل أن تكون حجية الظن منجعلة بنفسها في حال من الحالات، كما في بعض الكلمات، فان الحجية المنجعلة بنفسها منحصرة بالعلم، لكونه تاما في الكاشفية ومحرزا للواقع بنفسه، فالظن لولا التعبد به وتتميم نقص كشفه لا يكون محرزا للواقع، بخلاف الاحتياط فإنه بنفسه بلا حاجة إلى التماس دليل يكون محرزا للواقع، فالطريق الواصل بنفسه بلا مؤنة ليس هو إلا الاحتياط (2) وإذا بطل الاحتياط بأحد الوجوه الآتية يتعين عقلا نصب الشارع الظن طريقا، إذ لا طريق غيره حينئذ. هذا لو كان الوجه في المقدمة الثانية

(1) أقول: معنى الطريق الواصل بنفسه ما هو معلوم بنفسه طريقيته للمكلف بلا احتياج إلى طريق آخر توصله إلى العباد، قبال ما هو الواصل بطريقه كالطريق الذي ظن حجيته بظن علم حجية هذا الظن لدى المكلف، قبال ما لا يكون واصلا إلى المكلف رأسا كالطرق الواقعية المجهولة لدى المكلف ولو تفصيلا بناء على كون المراد من الوصول التفصيلي، وسيأتي نتيجة هذا التفصيل عند فرض استكشاف الحجة الشرعية تعميما أو إهمالا.
وفى هذه الجهة معنى نصب الشارع طريقا واصلا نصبه طريقا علم بجعله بنفسه بلا توسط طريق آخر، وفى هذه الجهة لا يتفاوت بين كون المجعول هو ايجاب الاحتياط أو حجية الظن بمعنى الوسطية، فمن هذه الجهة يكون حجية الظن في عرض ايجاب الاحتياط.
نعم: بينهما تفاوت من جهة أخرى، وهو أن الاحتياط موصل إلى الواقع بنفسه والظن لا يكون موصلا إليه بنفسه، وهذه الجهة غير مرتبط بالواصل بنفسه والواصل بطريقه، قبال غير الواصل رأسا.
(2) أقول: ما هو منحصر بالاحتياط الطريق الموصل بنفسه، لا الواصل بنفسه " ببين تفاوت ره از كجا است تا به كجا! ".
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست