والجمع بينها بفعل كل ما يحتمل الوجوب وترك كل ما يحتمل الحرمة.
الثاني: الإجماع على أن بناء الشريعة المطهرة ليس على امتثال التكاليف بالاحتمال، بل بنائها على امتثال كل تكليف بعنوانه: من الوجوب والحرمة، لا بمعنى اعتبار قصد الوجوب والحرمة، بل معنى: أن الإتيان بالشئ بما أنه محتمل الوجوب أو محتمل الحرمة أو محتمل الإباحة - بحيث يكون الإتيان بمتعلقات التكاليف بعنوان الاحتمال وبرجاء انطباقه على المكلف به - أمر مرغوب عنه شرعا ليس بناء الشريعة عليه.
وهذان الوجهان من الإجماع وإن لم يقع التصريح بهما في كلام القوم، إلا أنه مما يقطع باتفاق الأصحاب عليهما (1) كما مر نظيره في دعوى الإجماع على عدم جواز إهمال الوقايع المشتبهة. وقد عرفت: أن الإجماع التقديري كالمحصل الفعلي في الاعتبار.
ونتيجة هذين الوجهين من الإجماع تختلف، فإنه على الوجه الثاني تكون النتيجة حجية الظن شرعا المعبر عنها بالكشف، من غير فرق بين أن يكون المدرك في المقدمة الثانية (وهي عدم جواز إهمال الوقايع المشتبهة) هو الإجماع أو الخروج عن الدين أو العلم الإجمالي، ولا يمكن أن تكون النتيجة التبعيض في الاحتياط، كما لا يمكن أن تكون النتيجة الامتثال الظني المعبر عنه بالحكومة، فان في التبعيض في الاحتياط أيضا يكون الامتثال احتماليا، والمفروض أن بناء الشريعة ليس على الامتثال الاحتمالي - كما هو مفاد الوجه الثاني من تقريب الإجماع على بطلان الاحتياط - فوجوب العمل بالمظنونات من الوقايع المشتبهة الذي هو المقصود من دليل الانسداد ليس لأجل التبعيض في