والخصوص والإطلاق والتقييد، وهذا مما لا سبيل إلى الالتزام به، فلا بد وأن يكون المراد من " المخالفة " غير المخالفة بالعموم والخصوص أو الإطلاق والتقييد:
من المخالفة بالتباين الكلى أو بالعموم من وجه، بل المخالفة بالعموم والخصوص لا تعد من المخالفة لما بينهما من الجمع العرفي، والتخالف بينهما إنما يكون بدويا يزول بالتأمل في مدلولهما، فالأخبار الناهية عن العمل بالخبر المخالف للكتاب لا تعم المخالفة بالعموم والخصوص.
ولا يبعد أن يكون صدور هذه الأخبار في مقام الرد على الملاحدة الذين كانوا يضعون الأخبار ويدسونها في كتب الأصحاب هدما للشريعة المطهرة، حتى نقل عن بعضهم انه قال - بعد ما استبصر ورجع إلى الحق - " إني قد وضعت إثنا عشر ألف حديثا " فأقرب المحامل لهذه الأخبار حملها على الخبر المخالف للكتاب بالتباين أو بالعموم من وجه، وإن كان يبعد حملها على المخالفة بالتباين، لأنه ليس في الأخبار ما يخالف الكتاب بالتباين الكلى، حتى أن من يريد الوضع والدس في الأخبار لا يضع ما يخالف الكتاب بالتباين الكلى، لأنه يعلم أنه من الموضوع.
ولا يبعد أيضا حمل الأخبار الناهية على الأخبار الواردة في باب الجبر والتفويض والقدر ونحو ذلك.
ويمكن أيضا حمل بعضها على صورة التعارض بين الروايات، فيؤخذ بالموافق للكتاب ويطرح المخالف له.
وكيف كان: لابد من حمل هذه الأخبار على أحد هذه المحامل، لما عرفت من أنه لو بنينا على شمولها للمخالفة بالعموم والخصوص يلزم تعطيل كثير من الأحكام.
ومما ذكرنا يظهر ما في الاستدلال برواية " داود بن فرقد " فإنه مضافا إلى أنها من أخبار الآحاد ولا يصلح التمسك بها لما نحن فيه - لأنه يلزم من حجيتها عدم حجيتها - لا تشمل العمل بخبر الثقة، لأنه ليس من أفراد قوله