التعليل عن كونه كبرى كلية، لأنه يعتبر في الكبرى الكلية صحة التكليف بها ابتداء بلا ضم المورد إليها، كما في قوله " الخمر حرام لأنه مسكر " فإنه يصح أن يقال " لا تشرب المسكر " بلا ضم الخمر إليه، والتعليل الوارد في المقبولة لا ينطبق على ذلك، لأنه لا يصح أن يقال " يجب الأخذ بكل ما لا ريب فيه بالإضافة إلى ما يقابله " وإلا لزم الأخذ بكل راجح بالنسبة إلى غيره وبأقوى الشهرتين وبالظن المطلق، وغير ذلك من التوالي الفاسدة التي لا يمكن الالتزام بها، فالتعليل أجنبي عن أن يكون من الكبرى الكلية التي لا يصح التعدي عن مورده. (1) وأما الموصول: فلا يعم الشهرة الفتوائية، بل هو خاص بالشهرة الروايتية، وليس ذلك من جهة تخصيص العام بالمورد حتى يقال: إن المورد لا يخصص العام، بل من جهة عدم العموم.
الوجه الثاني: قوله تعالى في ذيل آية النبأ: " أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " (2) بتقريب: أن المراد من " الجهالة " السفاهة والاعتماد على ما لا ينبغي الاعتماد عليه، والاعتماد على الشهرة ليست من السفاهة:
وفيه: أن أقصى ما يقتضيه التعليل هو عدم جواز الأخذ بكل ما يقتضى الجهالة والسفاهة خبرا كان أو غيره، هذا لا يقتضى وجوب الأخذ بكل ما ليس فيه جهالة، إذ ليس له مفهوم حتى يتمسك به، ألا ترى: أن قوله " لا تأكل الرمان لأنه حامض " لا يدل على جواز أكل كل ما ليس بحامض، وذلك واضح.