فإنه مضافا إلى خروج العمل به عن موضوع الآيات الناهية يلزم الدور المحال، لأن الردع عن السيرة بالآيات الناهية يتوقف على أن لا تكون السيرة مخصصة لعمومها، وعدم كونها مخصصة لها يتوقف على أن تكون رادعة عنها.
وإن منعت عن ذلك كله، فلا أقل من أن يكون حال السيرة حال سائر الأدلة الدالة على حجية الخبر الواحد: من كونها حاكمة على الآيات الناهية، والمحكوم لا يصلح لأن يكون رادعا عن الحاكم، كما لا يخفى، وسيأتي لذلك مزيد توضيح إن شاء الله تعالى.
وأما السنة: فلأن الأخبار الدالة على طرح الخبر المخالف أو الذي لا شاهد عليه من الكتاب والعمل بخبر الموافق والذي عليه شاهد من الكتاب وإن كانت متواترة معنى أو إجمالا - للعلم بصدور بعضها عن المعصوم (عليه السلام) وهي آبية عن التخصيص - كما لا يخفى على المتأمل فيها - إلا أنه يعلم أيضا بصدور جملة من الأخبار المخالفة للكتاب ولو بالعموم والخصوص أو الإطلاق والتقييد، لا يسعنا طرح جميع ما بأيدينا من الأخبار المودعة في الكتب، لأنه يلزم من الاقتصار على ما يستفاد من ظاهر الكتاب تعطيل كثير من الأحكام، خصوصا في باب العبادات، بل معظم الأحكام إنما يستفاد من الأخبار، ولو بنينا على الأخذ بظاهر هذه الأخبار الناهية عن العمل بما يخالف الكتاب أو الذي لا يوجد له شاهد منه والاقتصار في العمل بما يوافق ظاهر الكتاب يلزم طرح جميع ما بأيدينا من الأخبار المخالفة لظاهر الكتاب بالعموم