الرئيس مجال، وأما إذا اتفق الاتفاق بلا تواطئ منهم على ذلك، فهو مما لا يلازم عادة رضا الرئيس ولا يمكن دعوى الملازمة.
وأما مسلك تراكم الظنون: فهو مما لا يندرج تحت ضابط كلي، إذ يختلف ذلك باختلاف مراتب الظنون والموارد والأشخاص، فقد يحصل من تراكم الظنون القطع لشخص وقد لا يحصل، فلا يصح أن يجعل ذلك مدركا لحجية الإجماع.
فالإنصاف: أن الذي يمكن أن يدعى، هو أن يكون اتفاق العلماء كاشفا عن وجود دليل معتبر عند المجمعين، ولكن هذا إذا لم يكن في مورد الإجماع أصل أو قاعدة أو دليل على وفق ما اتفقوا عليه، فإنه مع وجود ذلك يحتمل أن يكون مستند الاتفاق أحد هذه الأمور، فلا يكشف اتفاقهم عن وجود دليل آخر وراء ذلك. نعم: لو كان الاتفاق مستمرا من زمان الصحابة المعاصرين للأئمة (عليهم السلام) ك " زرارة " و " محمد بن مسلم " إلى زمان أرباب الفتوى إلى زمن المتأخرين، فهو يكشف كشفا قطعيا عن رضاء المعصوم بذلك ولا يلتفت إلى القاعدة أو الأصل الموافق، إلا أن تحصيل مثل هذا الاتفاق مما لا سبيل إليه، بل القدر الممكن هو تحصيل الاتفاق من زمان أرباب الفتوى، وهذا الاتفاق لا يكشف عن نفس رضاه (عليه السلام) بل أقصاه أنه يكشف عن وجود دليل معتبر عند الكل إذا لم يكن في المورد أصل أو قاعدة، فإنه لا يمكن الاتفاق في الفتوى اقتراحا بلا مدرك.
ومما ذكرنا ظهر: ما في عد الإجماع دليلا برأسه في مقابل الأدلة الثلاثة الأخر، فإنه على جميع المسالك لا يكون الإجماع مقابلا للسنة.
نعم: بناء على ما قربناه من المسلك يكون التقابل بين الإجماع والسنة تقابل الإجمال والتفصيل، فان الإجماع يكشف عن وجود دليل على الإجمال، فتأمل.