مستمرا لا يسقط بعصيانه في زمان لتكون الحجية مستمرة باستمراره.
وأحسن ما يمكن أن يقال - في منشأ انتزاع الحجية - هو ما ذكره الشيخ (قدس سره) في دليل الانسداد عند نقل كلام " المحقق صاحب الحاشية " في الوجه الثاني من الوجهين اللذين ذكرهما في بيان أن مقدمات دليل الانسداد لا تثبت إلا اعتبار الظن بالطريق لا في نفس الحكم الفرعي.
قال (قدس سره): في رد هذا الوجه " فيه: أن تفريغ الذمة عما اشتغلت به، إما بفعل نفس ما أراده الشارع في ضمن الأوامر الواقعية، وإما بفعل ما حكم حكما جعليا بأنه نفس المراد وهو مضمون الطرق المجعولة " انتهى موضع الحاجة من كلامه.
وله (قدس سره) في هذا المقام عبارة أخرى تقرب من هذه، وغرضه من ذلك: هو أن المجعول في باب الطرق والأمارات إنما هو الحكم بأن المؤدى هو الواقع النفس الأمري وأنه هو، فليس المجعول فيها أمرا مغايرا للواقع، بل المجعول فيها هو الحكم بأن المؤدى هو الواقع، فان أصابت الأمارة الواقع فهو، و إن أخطأت يتبين أنه ليس المؤدى هو الواقع، وعلى كلا التقديرين: لا يكون في البين إلا الحكم الواقعي.
وبالجملة: حيث كان المؤدى هو الوجوب أو الحرمة الواقعية فيكون المجعول هو وجوب المؤدى أو حرمته على أنه هو الواقع، فليس ما وراء الواقع حكما آخر حتى يقع التضاد بينهما، ولا إشكال في أنه للشارع جعل الهوهوية والحكم بأن المؤدى هو الواقع في صورة الجهل به والشك فيه.
وكان شيخنا الأستاذ (مد ظله) في الدورة السابقة يقرب هذا الوجه ويرتضيه على تقدير عدم القول بتأصل الحجية في الجعل، ولكن في هذه الدورة ضعفه بما حاصله: أن الحكم بأن المؤدى هو الواقع لا يمكن أن يكون إخبارا، بل لابد وأن يكون إنشاء، وإنشاء الحكم بالهوهوية وكون المؤدى هو الواقع لا يصح إلا باعطاء صفة الوجوب أو الحرمة للمؤدى، فيعود إشكال التضاد عند