فان الحكم لا يمكن أن يتكفل لأزمنة وجوده - التي منها زمان الشك فيه - ويتعرض لوجود نفسه في حال الشك وإن كان محفوظا في ذلك الحال على تقدير وجوده الواقعي، إلا أن انحفاظه في ذلك الحال غير كونه بنفسه مبينا لوجوده فيه، بل لابد في ذلك من مبين آخر وجعل ثانوي يتكفل لبيان وجود الحكم في أزمنة وجوده، - ومنها زمان الشك فيه - ويكون هذا الجعل الثانوي من متممات الجعل الأولى ويتحد الجعلان في صورة وجود الحكم الواقعي في زمان الشك.
ولا يخفى: أن متمم الجعل على أقسام: فان ما دل على وجوب قصد التعبد في العبادات يكون من متممات الجعل، وما دل على وجوب السير للحج قبل الموسم يكون من متممات الجعل، وما دل على وجوب الغسل على المستحاضة قبل الفجر في اليوم الذي يجب صومه من متممات الجعل، وغير ذلك من الموارد التي لابد فيها من متمم الجعل، وهي كثيرة في أبواب متفرقة وليست بملاك واحد، بل لكل ملاك يخصه، وإن كان يجمعها قصور الجعل الأولى عن أن يستوفى جميع ما يعتبر استيفائه في عالم التشريع، ولاستقصاء الكلام في ذلك محل آخر. والغرض في المقام: بيان أن من أحد أقسام متمم الجعل هو الذي يتكفل لبيان وجود الحكم في زمان الشك فيه إذا كان الحكم الواقعي على وجه يقتضى المتمم، وإلا فقد يكون الحكم لا يقتضى جعل المتمم في زمان الشك.
وتوضيح ذلك: هو أن للشك في الحكم الواقعي اعتبارين: