وجه الطريقية، لكونها متكفلة للجهة الثالثة التي يكون القطع واجدا لها، وهو الجري على وفق القطع وترتيب آثار المقطوع عملا، كما أن الأمارة تكون واجدة للجهة الثانية، وهي جهة الإحراز والكاشفية - على ما تقدم بيانه، فالمجعول في الأصول التنزيلية ليس أمرا مغايرا للواقع، بل الجعل الشرعي إنما تعلق بالجري العملي على المؤدى على أنه هو الواقع، كما يرشد إليه قوله (عليه السلام) في بعض أخبار قاعدة التجاوز " بلى قد ركعت " (1) فان كان المؤدى هو الواقع فهو، وإلا كان الجري العملي واقعا في غير محله من دون أن يكون قد تعلق بالمؤدى حكم على خلاف ما هو عليه.
وبالجملة: الهوهوية التي بنى عليها الشيخ (قدس سره) في باب الأمارات ونحن أبطلناها، هي التي تكون مجعولة في باب الأصول التنزيلية.
نعم: يتوجه على الشيخ (قدس سره) إشكال الفرق بين الأمارات والأصول، فإنه على هذا يكون المجعول في كل منهما هو الهوهوية، فكيف صارت مثبتات الأمارة حجة دون مثبتات الأصول مع اتحاد المجعول فيها؟ و لكن نحن في فسحة عن هذا الإشكال، لما عرفت: من أن المجعول في باب الأمارات غير المجعول في باب الأصول، ومن اجل اختلاف المجعول صارت مثبتات الأمارات حجة دون مثبتات الأصول، كما سيأتي في محله.
وبالجملة: ليس في الأصول التنزيلية حكم مخالف لحكم الواقع، بل