عنى به الخسف، كما فعل بقارون، عن سعيد بن جبير، ومجاهد. وثانيها: أن المراد بقوله: (من فوقكم) أي! من قبل كباركم، أو (من تحت أرجلكم). من سفلتكم، عن الضحاك. وثالثها: إن (من فوقكم) السلاطين الظلمة، و (من تحت أرجلكم)؟ العبيد السوء، ومن لا خير فيه، عن ابن عباس، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام.
(أو يلبسكم شيعا) أي: يخلطكم فرقا مختلفي الأهواء، لا تكونوا شيعة واحدة. وقيل: هو أن يكلهم إلى أنفسهم، فلا يلطف لهم اللطف الذي يؤمنون عنده، ويخليهم من ألطافه بذنوبهم السالفة، وقيل: عنى به يضرب بعضكم ببعض، بما يلقيه بينكم من العداوة والعصبية، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام (ويذيق بعضكم بأس بعض) أي: قتال بعضي، وحرب بعض، ومعناه يقتل بعضكم بعضا، حتى يفني بعضكم بعضا، كما قال: (وكذلك نولي بعض الضالمين بعضا بما كانوا يكسبون) وقيل: هو سوء الجوار، عن أبي عبد الله عليه السلام.
وقال الحسن: التهديد بإنزال العذاب، والخسف، يتناول الكفار، وقوله:
(أو يلبسكم شيعا) يتناول أهل الصلاة، وقال. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " سألت ربي أ ن لا يظهر على أمتي أهل دين غيرهم فأعطاني، وسألته أن لا يهلكهم جوعا فأعطاني، وسألته أن لا يجمعهم على ضلالة فأعطاني، وسألته أن لا يلبسهم شيعا فمنعني "، وفي تفسير الكلبي: إنه لما نزلت هذه الآية قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتوضأ، وأسبغ وضوءه، ثم قام وصلى، فأحسن صلاته، ثم سأل الله سبحانه أن لا يبعث على أمته عذابا من فوقهم، ولا من تحت أرجلهم، ولا يلبسهم شيعا، ولا يذيق بعضهم بأس بعض، فنزل جبرائيل عليه السلام فقال: يا محمد! إن الله تعالى سمع مقالتك، إنه قد أجارهم من خصلتين، ولم يجرهم من خصلتين: أجارهم من أن يبعث عليهم عذابا من فوقهم، أو من تحت أرجلهم، ولم يجرهم من الخصلتين الأخريين.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا جبرائيل ا ما بقاء أمتي مع قتل بعضهم بعضا؟ فقام، وعاد إلى الدعاء، فنزل: (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) الآيتين. فقال: لا بد من فتنة تبتلى بها الأمة بعد نبيها، ليتبين الصادق من الكاذب،