السنة الثانية عن علي بن إبراهيم، وفي الشهر الثاني عن غيره من المفسرين الجراد، فجردت زروعهم، وأشجارهم، حتى كانت تجرد شعورهم، ولحاهم، وتأكل الأبواب، والثياب، والأمتعة، وكانت لا تدخل بيوت بني إسرائيل، ولا يصيبهم من ذلك شئ.
فعجوا، وضجوا، وجزع فرعون من ذلك جزعا شديدا، وقال: يا موسى!
أدع لنا ربك أن يكشف عنا الجراد، حتى أخلي عن بني إسرائيل. فدعا موسى ربه، فكشف عنه الجراد بعدما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت. وقيل: إن موسى عليه السلام برز إلى الفضاء، فأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب، فرجعت الجراد من حيث جاءت، حتى كأن لم يكن قط.
ولم يدع هامان فرعون أن يخلي عن بني إسرائيل، فأنزل الله عليهم السنة الثالثة في رواية علي بن إبراهيم، وفي الشهر الثالث عن غيره من المفسرين القمل، وهو الجراد الصغار، الذي لا أجنحة له، وهو شر ما يكون وأخبثه، فأتى على زروعهم كلها، واجتثها من أصلها، فذهبت زروعهم، ولحس الأرض كلها. وقيل: أمر موسى أن يمشي إلى كثيب أعفر بقرية من قرى مصر تدعى عين الشمس فأتاه فضربه بعصاه، فانثال عليهم قملا فكان يدخل بين ثوب أحدهم فيعضه، وكان يأكل أحدهم الطعام، فيمتلئ قملا.
قال سعيد بن جبير: القمل السوس الذي يخرج من الحبوب، فكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلى الرحا، فلم يرد منها ثلاثة أقفرة، فلم يصابوا ببلاء كان أشد عليهم من القمل، وأخذت أشعارهم وأبشارهم، وأشفار عيونهم، وحواجبهم، ولزمت جلودهم، كأنه الجدري عليهم، ومنعتهم النوم والقرار، فصرخوا وصاحوا.
فقال فرعون لموسى: أدع لنا ربك، لئن كشفت عنا القمل، لأكفن عن بني إسرائيل. فدعا موسى حتى ذهب القمل، بعد ما أقام عندهم سبعة أيام من السبت إلى السبت، فنكثوا فأنزل الله عليهم في السنة الرابعة، وقيل في الشهر الرابع الضفادع، فكانت تكون في طعامهم وشرابهم، وامتلأت منها بيوتهم، وأبنيتهم، فلا يكشف أحد ثوبا، ولا إناء، ولا طعاما، ولا شرابا، إلا وجد فيه الضفادع، وكانت تثب في قدورهم، فتفسد عليهم ما فيها، وكان الرجل يجلس إلى ذقنه في الضفادع،