منها، كما فعله أهل الجاهلية، في الحرث والأنعام، وعلى هذا يكون الأمر على ظاهره، ويمكن أن يكون أراد نفس الأكل، فيكون بمعنى الإباحة. (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) مضى تفسيره في سورة البقرة.
ثم فسر تعالى الحمولة، والفرش، فقال: (ثمانية أزواج) وتقديره: وأنشأ ثمانية أزواج أنشأ (من الضأن اثنين ومن المعز اثنين) و (من الإبل اثنين ومن البقر اثنين) وإنما أجمل ثم فضل المجمل، لأنه أراد أن يقرر على شئ، شئ منه، ليكون أشد في التوبيخ، من أن يذكر ذلك دفعة واحدة، ومعناه: ثمانية أفراد، لأن كل واحد من ذلك يسمى زوجا، فالذكر زوج الأنثى، والأنثى زوج الذكر، كما قال تعالى (أمسك عليك زوجك).
وقيل: معناه ثمانية أصناف: من الضأن، اثنين، يعني الذكر والأنثى، ومن المعز اثنين، الذكر والأنثى، والضأن: ذوات الصوف من الغنم. والمعز: ذوات الشعر منه، وواحد الضأن: ضائن، كقولهم تاجر وتجر. والأنثى: ضائنة. وواحد المعز: ماعز.
وقيل: إن المراد بالاثنين الأهلي والوحشي من الضأن والمعز والبقر، والمراد بالاثنين من الإبل العراب والبخاتي، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام، وإنما خص هذه الثمانية، لأنها جميع الأنعام التي كانوا يحرمون منها ما يحرمونه، على ما تقدم ذكره.
(قل) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يحرمون ما أحل الله تعالى:
(آلذكرين) من الضأن والمعز (حرم) الله، (أم الأنثيين) منهما (أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين) أي: أم حرم ما اشتمل عليه رحم الأنثى من الضأن. والأنثى من المعز.
وإنما ذكر الله سبحانه هذا على وجه الإحتجاج عليهم، بين به فريتهم وكذبهم على الله تعالى، فيما ادعوا من أن ما في بطون الأنعام حلال للذكور، وحرام على الإناث، وغير ذلك مما حرموه، فإنهم لو قالوا: حرم الذكرين، لزمهم أن يكون كل ذكر حراما، ولو قالوا: حرم الأنثيين، لزمهم أن يكون كل أنثى حراما، ولو قالوا:
حرم ما اشتمل عليه رحم الأنثى من الضأن والمعز، لزمهم تحريم الذكور والإناث،