بجواز التعويل عليه مطلقا فينبغي ان يكون مؤتمنا والأكثر على الاعتداد باذان الفاسق لأنه يصح منه الاذان الشرعي لنفسه معتبر باذانه عملا باطلاق الامر بالاذان والاعتداد به للسامع فلا يتخصص الا بدليل ونقل عن ابن الجنيد انه منع من الاعتداد باذان الفاسق لفقد الأمانة واستوجه بعضهم قول ابن الجنيد في منصوب الحاكم الذي يرزق من بيت المال فيحصل بالعدل كمال المصلحة الاستحباب المذكور متعلق بالناصب لا بالمؤذن وكذا يستحب ان يكون المؤذن صيئا (صيتا) اي رفيع الصوت ليكمل الغرض المقصود من الاذان وهو الاعلام ويتم النفع ويحصل رفع الصوت المستحب روى الشيخ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله كان قال كان طول حائط مسجد رسول الله قامة فكان (ع) يقول البلال إذا دخل الوقت يا بلال أعل فوق الجدار وارفع صوتك بالاذان فان الله عز وجل قد وكل بالاذان ريحا يرفعه إلى السماء وان الملائكة إذا سمعوا الاذان من أهل الأرض قالوا هذه أصوات أمة محمد صلى الله عليه وآله بتوحيد الله عز وجل ويستغفرون لامة محمد صلى الله عليه وآله حتى يفرغوا من تلك الصلاة وذكر جماعة منهم يستحب ان يكون مع ذلك حسن الصوت لتقبل القلوب على سماعه وكذا يستحب ان يكون بصيرا بالأوقات ليأمن الغلط فيقلده ذو الاعذار ولو اذن الجاهل في الوقت صح واعتد به والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه العمومات وأن يكون متطهرا من الحدثين لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله حق وسنة ان لا يؤذن أحد الا وهو طاهر قال في المعتبر وعليه فتوى العلماء وقال في المنتهى وعليه اجماع العلماء ولا تجب الطهارة لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال لا باس ان تؤذن وأنت على غير طهر ولا تقيم الا وأنت على وضوء وفي الصحيح عن محمد وهو ابن مسلم عن أحدهما قال سئلته عن الرجل يؤذن وهو يمشي أو على ظهر دابته وهو على غير طهور فقال نعم إذا كان التشهد مستقبل القبلة فلا باس وعن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس ان يؤذن الرجل وهو على غير وضوء لا يقيم الا وهو على وضوء وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) ان عليا كان يقول لا باس ان يؤذن الغلام قبل ان يحتلم ولا باس ان يؤذن المؤذن وهو جنب ولا يقيم حتى يغتسل ويستفاد من أكثر هذه الروايات اشتراط الطهارة في الإقامة كما ذهب إليه السيد المرتضى والمصنف في المنتهى والمشهور العدم للأصل واليه ذهب المصنف في (المخ) والتذكرة وهو غير بعيد لان غاية ما يستفاد من الاخبار رجحان الطهارة وتأكدها فيها قال الشارح الفاضل ولا يجوز الاذان حينئذ اي حين الجنابة في المسجد مع القدرة على الغسل فلو فعله لم يعتد به للنهي المفسدة للعبادة وفيه نظر لتعلق النهي بالامر الخارج وأن يكون قائما على مرتفع إما القيام لكونه أبلغ لصوته ولما روى عن النبي صلى الله عليه وآله يا بلال قم فناد بالصلاة وروى عن الباقر (ع) لا يؤذن جالسا الا راكب أو مريض ورواه الشيخ عن حمران عنه (ع) ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس للمسافر يؤذن وهو راكب ويقيم وهو على الأرض قائم واستحباب القيام في الإقامة آكد للرواية المذكورة ولما رواه الشيخ في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) لا باس ان يؤذن راكبا أو ماشيا أو على غير وضوء ولا تقيم وأنت راكب أو جالس الا من علة أو تكون في ارض ملصة الأرض الملصة ما كثر فيه اللصوص وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (ع) يؤذن الرجل وهو قاعد قال نعم ولا يقيم الا وهو قائم وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن عبد صالح قال يؤذن الرجل وهو جالس ولا يقيم الا وهو قائم وقال تؤذن وأنت راكب ولا تقيم الا وأنت على الأرض إلى غير ذلك من الاخبار ويؤيد كون ذلك على جهة الاستحباب ما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن ابنه عن آبائه عن علي (ع) قال إن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا دخل المسجد وبلال تقيم (يقيم) الصلاة جلس وقال المفيد في المقنعة ولا يجوز الإقامة الا وهو قائم موجه إلى القبلة مع الاختيار وظاهره اشتراط القيام فيها وقال ابن بابويه لا باس بالاذان قائما وقاعدا ومستقبلا ومستدبرا وذاهبا وجائيا وعلى غير وضوء والإقامة على وضوء مستقبلا وإن كان إماما فلا يؤذن الا قائما انتهى ولو أقام ماشيا إلى الصلاة فلا باس قاله الشهيد (ره) في الذكرى استنادا إلى رواية ضعيفة واما كون القيام على مرتفع فلكونه أبلغ في رفع الصوت فيكون به أتم واعم وقد مر في رواية ابن سنان ان النبي صلى الله عليه وآله كان يقول لبلال واعل فوق الجدار و الظاهر عدم استحباب الصعود على المنارة لعدم النص وما رواه علي بن جعفر قال سئلت أبا الحسن عن الاذان في المنارة اسنة هو فقال انما كان يؤذن للنبي في الأرض ولم يكن يومئذ منارة وقال المصنف في (المخ) والوجه استحبابه في المنارة للامر بوضع المنارة مع حائط غير مرتفعة روى أن عليا (ع) مر على منارة طويلة فامر بهدمها ثم قال لا ترفع المنارة الا مع سطح المسجد ولولا استحباب الاذان فيها لكان الامر بوضعها عبثا وبرواية ابن سنان السالفة عند شرح قول المصنف صيتا وقد يقال قد ثبت وضع المنارة في الجملة ولولا الاذان فيها لكان عبثا وفيه نظر لان غاية ما يستفاد من الرواية الأولى إباحة وضع المنارة وهو لا يستلزم الاستحباب واما الرواية الثانية فليس فيها ذكر المنارة أصلا ووضع المنارة ممن يعتد بفعله غير ثابت و ان يكون مستقبلا للقبلة باتفاق الأصحاب ويؤيده قوله خير المجالس ما استقبل به القبلة ويتأكد الاستقبال في الشهادتين لصحيحة محمد بن مسلم السابقة عند شرح قول المصنف متطهر أو في الإقامة لما رواه الشيخ عن سليمان بن صالح عن أبي عبد الله (ع) قال لا يقيم أحدكم الصلاة وهو ماش ولا راكب ولا مضطجع إلى أن يكون مريضا وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة فإنه إذا اخذ في الإقامة فهو في صلاة ونقل عن المرتضى انه أوجب الاستقبال في الأذان والإقامة وأوجبه المفيد في الإقامة والأقرب الاستحباب ويكره الالتفات يمينا وشمالا سواء كان على المنارة أم على الأرض خلاف لبعض العامة وأن يكون متأنيا في الاذان غير مستعجل لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر قال ابن الأثير ترسل اي تأن ولا تستعجل ومن طريق الأصحاب ما رواه الشيخ عن الحسن السرى عن أبي عبد الله (ع) قال الاذان ترتيل والإقامة حدر والمراد بالترتيل التمهل محدرا في الإقامة لقول النبي صلى الله عليه وآله في الخبر المذكور إذا أقمت فاحدر اي أسرع قاله ابن الأثير وغيره قال الجوهري حدر في قرائته وأذانه يحدر حدرا اي أسرع والمراد بالاسراع ههنا قصر الوقوف لاتركها أصلا لما سيجئ من استجابها ويدل على هذا الحكم اخبار منها ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة قال قال أبو جعفر (ع) الاذان جزم بافصاح الألف والهاء والإقامة حدر وفي الصحيح عن معوية بن وهب أنه سئل أبا عبد الله (ع) عن الاذان وقال اجهر وارفع صوتك فإذا أقمت فدون ذلك و لا تنتظر بأذانك واقامتك الا دخول وقت الصلاة واحدر اقامتك حدرا وأن يكون واقفا على أواخر الفصول عند علمائنا ويدل عليه حسنة زرارة السابقة وما رواه ابن بابويه عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله (ع) قال الأذان والإقامة مجزومان وفي خبر آخر موقوفان وروى الشيخ في الصحيح عن عثمان بن عيسى عن خالد بن نجيح عن الصادق (ع) أنه قال التكبير جزم في الاذان مع الافصاح بالهاء والألف وأن يكون تاركا للكلام خلالهما إما ترك الكلام خلال الاذان فمستنده غير واضح وعلل بان فيه تفويتا للاقبال المطلق في العبادة واما كراهته في أثناء الإقامة فلما رواه الشيخ عن عمرو بن أبي نصر في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيتكلم الرجل في الاذان قال لا باس قلت في الإقامة قال لا وعن أبي هارون المكفوف قال قال أبو عبد الله (ع) يا هارون الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلم ولا تؤم بيدك والنهي في الروايتين محمول على الكراهة لما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان انه سئل أبا عبد الله عن الرجل يتكلم بعدما يقيم الصلاة قال نعم وعن محمد الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتكلم في اذانه أو في اقامته فقال لا باس وعن الحسن بن شهاب قال سمعت أبا عبد الله يقول لا باس بان يتكلم الرجل وهو يقيم الصلاة وبعد ما يقيم ان يشاء وظاهر الشيخين في المقنعة والتهذيب المنع من الكلام في خلال الإقامة مع الاختيار مطلقا ويدفعه الأحاديث السابقة إذ لا تخصيص فيها بحال الضرورة ويتأكد الكراهة بعد قول المقيم قد قامت الصلاة وقيل بالتحريم وسيجئ بيانه ولو تكلم في أثناء الاذان لم يعده عامدا كان أو ناسيا الا ان يكون طويلا بحيث يخرجه عن المولاة وكذا السكوت ولو تكلم في أثناء الإقامة أعاد قاله جماعة من الأصحاب منهم المصنف ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله لاتكلم إذا أقمت الصلاة فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة وكذا يستحب ان يكون فاصلا بينهما بركعتين أو سجدة أو جلسة وفي المغرب بخطوة أو سكتة أو تسبيحة ذهب إليه علمائنا أجمع وقال في المعتبر وعليه علمائنا فكلام الفاضلين يشعر بدعوى الاجماع على ذلك وقال الشيخ في النهاية ويستحب ان يفصل الانسان بين الأذان والإقامة بجلسة أو سجدة وأفضل ذلك السجدة الا في المغرب خاصة فإنه لا يسجد بينهما ويكفي الفصل بينهما بخطوة أو جلسة خفيفة وقال ابن إدريس ومن صلى منفرا فالمستحب له ان يفصل بين الأذان والإقامة بسجدة أو جلسة أو خطوة والسجدة أفضل الا في الاذان
(٢٥٥)