وبما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال إذا اذن مؤذن فنقص الاذان وأنت تريد ان تصلي باذانه فأتم ما نقص هو من اذانه وهذا الخبر غير دال على عموم الحكم بل المستفاد منه جواز الاجتزاء في الجملة ومقتضى اطلاق النص والفتاوي عدم الفرق في المؤذن بين كونه مؤذن مصر أو مسجد أو منفردا وخصه الشارح الفاضل بمؤذن الجماعة والمصر وصرح به في شرح الشرايع ومنع من الاجتزاء بسماع اذان المنفرد باذانه ووجه هذا التخصيص غير واضح وهل الحكم مختص بالامام ظاهر عباراتهم ذلك وصرح بعضهم بالعموم إما لعموم قوله (ع) يجزيكم اذان جاركم (واما لدعوى الأولوية وفيه نظر إذ لا عموم لقوله (ع) يجزيكم اذان جاركم) فيمكن تخصيصه بما لا يشمل محل النزاع مع أن الخبر ضعيف فالاستناد إلى مثله مشكل والأولوية ممنوعة فالاقتصار على مورد الاتفاق أولي ويستفاد من الروايتين الاكتفاء بالإقامة أيضا ومقتضى رواية أبي مريم عدم الكلام بعد الإقامة وهو موافق لما سبق من أن التكلم موجب لإعادة الإقامة وهل يستحب إعادة الأذان والإقامة وعدم الاكتفاء بالمسموع لم يبعد ذلك تمسكا بالعمومات فان مقتضى الأخبار المذكورة جواز الاكتفاء بها لا رجحانه وفي رواية ابن سنان السابقة دلالة على التخيير لكن يستثنى من ذلك المؤذن للجماعة والمقيم لهم فإنه لا يستحب معه الأذان والإقامة لهم واستدل عليه باطباق المسلمين كافة على تركه وهو دليل عدم الاستحباب ولو اذن المنفرد ثم أراد الجماعة أعاد الأذان والإقامة على ما ذكره الشيخ في النهاية والمبسوط وتبعه جماعة ممن تأخر محتجا بما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال وسأل عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلى وحده فيجئ رجل اخر فيقول له فصلى جماعة هل يجوز ان يصليا بذلك الأذان والإقامة قال لا ولكن يؤذن ويقيم قال الشهيد في الذكرى وبها افتى الأصحاب ولم أدلها وإذا سوى الشيخ نجم الدين فإنه ضعف سندها بأنهم فطحية قال الفاضلان في المنتهى والمعتبر وفي الطريق ضعف الا ان مضمونها استحباب تكرار الأذان والإقامة وهو ذكر الله وذكر الله حسن ثم اختار الاجتزاء بالاذان والإقامة الواقعتين في حال الانفراد اعتمادا على ما دل من الاجتزاء باذان الغير إذا كان منفردا فبأذانه أولي وادعاء الأولوية محل نظر واستضعاف رواية عمار ثم التمسك بما دل على الاجتزاء باذان المنفرد مع كونه أضعف منها سندا محل تأمل (وعلى كل تقدير فالإعادة أولي) ويؤذن المصلي خلف غير المرضى ويقيم لنفسه لما سبق من عدم الاعتداد باذان المخالف وإقامة ويؤيده قول الصادق (ع) في رواية محمد بن عذافر اذن خلف من قرأت خلفه فان خاف الفوات والظاهر أن المراد به فوات الركعة بحيث لا يلحق الامام راكعا اقتصر من فصول الاذان على التكبيرتين الأخيرتين وقد قامت الصلاة وهذا الحكم ذكره الشيخ وجماعة من الأصحاب واستدلوا عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن معاذ بن كثير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه وقد بقى على الامام أية أو ايتان فخشى ان هو اذن وأقام ان يركع فليقل قد قامت الصلاة (قد قامت الصلاة) الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله لا إله إلا الله وينبغي العمل على مدلول الرواية وكلام المصنف وغيره قاصر عن إفادة المراد موهم لخلاف المقصود والراوي ضعيف لكن صحة الرواية إلى ابن أبي عمير يوجب الاعتماد عليه كما سبقت الإشارة إليه في كتاب الطهارة واستشكله بعضهم بأنه متضمن لتقديم الذكر المستحب على القراءة الواجبة ومن ثم حمل الشهيد الثاني في بعض حواشيه عبارة المحقق على أن المراد بفوات الصلات فوات ما يعتبر بالركعة من القراءة وغيرها والامر في هذا الاشكال هين بعد وضوح دلالة النص عليه واما الحمل المذكور فمدفوع بالنص السابق والرواية السابقة صريحة في فوات الركوع ونقل عن جماعة منهم الشهيد انهم عبروا بخوف فوت الصلاة ويأتي بما يتركه المؤذن من التعميل والتكبير (والتهليل) الأخير إقامة لشعار الايمان ويدل عليه رواية ابن سنان السابقة عن قريب ومقتضى عدم الاعتداد باذان المخالف واستحباب الاتيان (به خلفه عدم القائل في الاتيان) بما ترك ويمكن حمله على صورة تعذر الاتيان بالجميع أو يقال إن هذا أيضا مستحب برأسه ويمكن جعل المسألة منفصله عن السابق وانها محمولة على غير المخالف كمن أخل ببعض الفصول ناسيا وينبغي ان يلحق بهذا المقام مسائل الأولى اختلف الأصحاب في تارك الأذان والإقامة في الصلاة فقول السيد المرتضى في المصباح والشيخ في الخلاف يمضي في صلاته إن كان متعمدا ويستقبل صلاته ما لم يركع إن كان ناسيا واليه ذهب الأكثر وقال الشيخ في النهاية بعكسه وهو قول ابن إدريس قال في النسيان بل لا يجوز الرجوع كما جاز في العمد وأطلق الشيخ في المبسوط الاستيناف ما لم يركع من غير فرق بين العمد والنسيان وقال ابن أبي عقيل من نسى الاذان في صلاة الصبح أو المغرب
(٢٥٨)