الباب والجواب ان كلا الامرين محتمل ولا دليل على التعيين وبعض الأخبار يؤيد الأول روى الشيخ في الحسن بإبراهيم عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ما تقول في النوم في المساجد فقال لا باس الا في المسجدين مسجد النبي صلى الله عليه وآله ومسجد الحرام قال وكان يأخذ بيدي في بعض الليل فيتنحى ناحية ثم يجلس فيتحدث في المسجد الحرام فربما نام فقلت له في ذلك انما يكره ان ينام في المسجد الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فاما الذي في هذا الموضع فليس به باس وفي بعض الأخبار ان بيت علي وفاطمة عليهما السلام أفضل من ما بين القبر والروضة وفي الاخبار أيضا ان الصلاة في بيت فاطمة أفضل من الروضة وفي الاخبار أيضا ما يدل بظاهره على أن ما بين الروضة إلى البقيع من رياض الجنة وفي الاخبار أيضا بعض التحديدات لمسجد النبي صلى الله عليه وآله وفي بعضها انه كان ثلثة آلاف وستمأة ذراع مكسر وصلاة النافلة في المنزل هذا الحكم مشهور بين الأصحاب ونسبه المصنف في المنتهى إلى علمائنا ومؤذنا بدعوى الاجماع عليه وقال في المعتبر انه فتوى علمائنا وذكره الشيخ ونقل عن الشهيد الثاني انه رجح في بعض فوائده رجحان فعلها في المسجد أيضا كالفريضة حجة الأصحاب على الأول ان العبادة في حال الاستتار أبلغ في الاخلاص و قد تبين هذا المعنى في قوله تعالى ان تبدوا الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم يريد النوافل وما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته الا المكتوبة وعن زيد بن ثابت قال نبأ (جاء) رجال يصلون بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج مغضبا وأمرهم ان يصلوا النوافل في بيوتهم وفي الكل ضعف والقول الأخير حسن وقد مر اخبار كثيرة دالة عليه في المسألة المتقدمة كصحيحة ابن أبي عمير وصحيحة معاوية بن عمار ورواية هارون بن خارجه ورواية عبد الله ابن يحيى الكاهلي ورواية أبي حمزة ورواية نجم بن حطيم ورواية الأصبغ والعمومات الكثيرة وقد مر عند شرح قول المصنف وكلما قرب من الفجر كان أفضل خبر صحيح دال على أن النبي صلى الله عليه وآله يصلى صلاة الليل في المسجد ويستحب اتخاذ المساجد هذا اجماعي بين أهل الاسلام قال الله تبارك وتعالى انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الآخر وروى الكليني والشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبيدة الحذاء قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة قال أبو عبيدة فمر بي أبو عبد الله في طريق مكة وقد سويت أحجار المسجد فقلت جعلت فداك ترجوا ان يكون هذا من ذاك فقال نعم وقد ورد في بعض الروايات عن الباقر (ع) من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة مفحص القطاة هو الموضع الذي تجثم فيه وتبيض كأنها تفحص عنه التراب اي تكشفه قال ابن الأثير وهذا التشبيه مبالغة في الصغر ويمكن ان يكون إشارة إلى عدم الاحتياج إلى الجدران بل يكفي رسمه ويستحب اتحادها مكشوفة ويدل عليه روايات منها ما رواه الكليني والشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن رسول الله بنى مسجده بالسميط ثم إن المسلمين كثروا فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله لو أمرت بالمسجد فزيد فيه فقال نعم فامر به فزيد فيه وبنى (بالسعيدة) ثم إن المسلمين كثروا فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله لو أمرت بالمسجد فزيد فيه فقال نعم فامر به فزيد فيه وبنى جداره بالأنثى والذكر ثم اشتد عليهم الحر فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله لو أمرت بالمسجد فظلل فقال نعم فامر به فأقيمت فيه سواري من جزوع (جذوع) النخل ثم طرحت عليه العوارض والخصف والإذخر فعاشوا فيه حتى أصابهم الأمطار فجعل المسجد يكف عليهم فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله لو أمرت بالمسجد فطين فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله لا عريش كعريش موسى فلم يزل كذلك حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وكان جداره قبل ان يظلل قامة فكان إذا كان الفي ذراعا وهو قدر مربض عنز صلى الظهر فإذا كان ضعف ذلك صلى العصر وقال السميط لبنة (لبنه) والسعيدة لبنة ونصف والأنثى والذكر لبنتان مخالفتان ومنها ما رواه الشيخ في الحسن بمحمد بن عيسى الأشعري والكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الحلبي قال سألته عن المساجد المظللة يكره المقام فيها قال نعم ولكن لا يضركم الصلاة فيها اليوم ولو كان العدل لرأيتم أنتم كيف يصنع في ذلك ومنها ما رواه ابن بابويه مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال أول ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فيكسرها ويأمر بها فيجعل عريشا كعريش موسى إذا عرفت هذا فاعلم أن ظاهر كلام الأصحاب كراهية التظليل مطلقا والاخبار لا نساعد على ذلك لان المستفاد من الخبر الأول كراهة التسقيف خاصة دون التظليل
(٢٤٨)