كيف يقضي صلاة قبل وقتها ان وقتها بعد انتصاف الليل واختاره ابن إدريس والمصنف في المختلف والأقرب الأول لنا ما رواه الشيخ وابن بابويه في الصحيح عن ليث المرادي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الصيف في الليالي القصار صلاة الليل في أول الليل فقال نعم ما رأيت ونعم ما منعت وأضاف إليه ابن بابويه تتمة (متمة) وهي قوله وسألته عن الرجل يخاف الجنابة في السفر أو في البرد فيعجل صلاة الليل والوتر في أول الليل فقال نعم وروى الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن خشيت ان لا تقوم في اخر الليل وكانت بك علة أو أصابك برد فصل واوتر من أول الليل في السفر وفي الصحيح على المشهور عن أبان بن تغلب قال خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام فيما بين مكة والمدينة فكان يقول إما أنتم فشباب تؤخرون واما انا فشيخ أعجل فكان يصلي صلاة الليل أول الليل وانما نسبنا صحتها إلى المشهور لان في طريقها محمد بن إسماعيل عن الفضل وقد عرفت الحال فيه وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن (الصلاة) بالليل في السفر في المحمل إلى أن قال قلت جعلت فداك في أول الليل فقال إذا خفت الفوت في اخره وهذان الخبران اوردهما الشيخ في باب الصلاة في السفر وفي الصحيح عن يعقوب الأحمر قال سألته عن صلاة الليل في الصيف في الليالي القصار في أول الليل فقال نعم ما رأيت ونعم ما صنعت ثم قال إن الشباب يكثر النوم فانا امرك به وفي الموثق عن يعقوب بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يخاف الجنابة في السفر أو البرد أيعجل صلاة الليل والوتر في أول الليلة قال نعم والاخبار في هذا الباب كثيرة قال ابن بابويه وكلما روى من الاطلاق في صلاة الليل من أول الليل فإنما هو في السفر لان المفسر من الاخبار يحكم على المجمل وفيه نظر لان في اخبار السابقة ما هو واضح الدلالة على تسويغ التقديم في غير السفر ويظهر من بعض الروايات جواز التقديم على الانتصاف مطلقا مثل ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن عيسى قال كتبت إليه أسأله يا سيدي روى عن جدك أنه قال لا باس بصلاة الليل من أول الليل فكتب في اي وقت صلى فهو جائز إن شاء الله ورواية سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بصلاة الليل من أول الليل إلى اخره الا ان أفضل ذلك إذا انتصف الليل ورواها الشيخ أيضا في باب صلاة السفر في الصحيح عن ابن أبي عمير عن جعفر بن بشير عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام بتفاوت ما في المتن ورواية الحسين بن علي بن بلال قال كتبت إليه في وقت صلاة الليل فكتب عند الزوال الليل وهو نصفه أفضل فان فات فأوله واخره جائز وحسنة محمد بن عذافر انما التطوع بمنزلة الهدية متى ما اتى به قبلت وفي رواية سيف بن عبد الاعلى انما النافلة مثل الهدية متى ما اتى بها قبلت الثانية نص الأصحاب على أن قضاء النافلة أفضل من التقديم ويدل عليه رواية معاوية بن وهب في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت إن رجلا من مواليك من صلحائهم شكى إلي ما يلقى من النوم فقال اني أريد القيام للصلاة بالليل فيغلبني النوم حتى أصبح فربما قضيت صلوتي الشهر المتتابع والشهرين اصبر على ثقله فقال قرة عين له والله ولم يرخص له (في الصلاة) في أول الليل وقال القضاء بالنهار أفضل قلت فان من نسائنا ابكار الجارية تحب الخير وأهله وتحرص على الصلاة فيغلبها النوم حتى ربما قضت وربما ضعفت عن قضائه وهو تقوى عليه أول الليل فرخص لهن في الصلاة أول الليل إذا ضعفن وضيعن القضاء وروى محمد وهو ابن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال قلت الرجل من امره القيام بالليل يمضي عليه الليلة والليلتان والثلث لا يقوم فيقضي أحب إليك أم يعجل الوتر أول الليل قال لا بل يقضي وإن كان ثلثين ليلة وتقضى الفرائض في كل وقت ما لم يتضيق الحاضرة وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء ويدل عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام فيمن فاته صلوات قال يقضيها إذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فإذا دخل وقت صلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف ان يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت وهذه أحق بوقتها فليصلها فإذا قضاها فليصل ما قد فاته مما قد مضى ولا يتطوع بركعة حتى تقضى الفريضة كلها وغيرها من الاخبار والنوافل ما لم يدخل وقتها اي وقت الفريضة ولعل المراد بالنوافل غير المرتبة كما نقل الصريح به عنهم والمنقول عن الشيخان (الشيخين) واتباعهما المنع من قضاء النافلة مطلقا وفعل ما عدا الراتبة من النوافل في أوقات الفرائض وأسنده في المعتبر إلى علمائنا وذهب جماعة منهم الشهيدان وابن الجنيد من المتقدمين إلى الجواز وهو أقرب احتج أصحاب القول الأول بروايات منها رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال قال لي رجل من أهل المدينة يا أبا جعفر مالي لا أراك تطوع بين الأذان والإقامة كما يصنع الناس قال فقلت انا إذا أردنا ان نتطوع كان تطوعنا في غير وقت فريضة فإذا دخلت الفريضة فلا تطوع ورواية سيف بن عميرة عن أبي بكر عن جعفر بن محمد عليه السلام قال إذا دخل وقت صلاة مفروضة فلا تطوع ورواية أديم بن الحر قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لا يتنفل الرجل إذا دخل وقت (فريضة) قال وقال إذا دخل وقت فريضة فأبدأ بها والكل مشترك في قصور الاسناد لاشتمال سند الرواية الأولى والأخيرة على الطاطري وعبد الله بن جبله وهما واقفيان والثانية على أبي بكر الحضرمي ولم يثبت بتوثيقه ويقرب منها ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار عن نجيه قال قلت لأبي جعفر عليه السلام تدركني الصلاة أو يدخل وقتها فابدء بالنافلة قال فقال أبو جعفر عليه السلام لا ولكن ابدا (بالمكتوبة) واقض النافلة وهذه الرواية ضعيفة والأولى الاستدلال عليه بصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلي نافلة وعلي فريضة أو في وقت فريضة قال لا انه لا يصلي نافلة في وقت فريضة أرأيت لو كان عليك من شهر رمضان أكان لك ان تتطوع حتى تقضيه قال قلت لا قال فكذلك الصلاة قال فقايسني وما كان ما يقايسني وقد مر عند شرح كلام المصنف فان طلعت ولم يصلهما صحيحة أخرى لزرارة فيه دلالة على ما ذكره وبصحيحة الآتية الطويلة عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى تبدأ بالمكتوبة وبما رواه حريز في كتابه عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام لا تصل من النافلة شيئا في وقت الفريضة فإنه لا يقضي نافلة في وقت فريضة (فإذا دخل وقت فريضة فأبدأ بالفريضة قال) وقال أبو جعفر عليه السلام انما جعلت القدمان والأربع والأذرع والذراعان وقتا لمكان النافلة نقل عن ذلك ابن إدريس عن كتاب حريز والجواب سيجيئ ان المراد بوقت الفريضة في هذه الأخبار وقت فضيلة الفريضة وهو ما بعد الفراغ من النافلة أو ما بعد الذراع والذراعين على ما سيجيئ بيانه مستوفى ومن تتبع الأحاديث ونظر في الاخبار يعلم أن مرادهم عليهم السلام بقولهم وقت الفريضة أو أدركت الصلاة أو حضر وقتها في أكثر الأوقات حضور الوقت المقرر لها على جهة الفضيلة فحمل هذه الأخبار على هذا غير بعيد بل المستأنس بسياق الاخبار لا يتوقف في رجحان ذلك على أنه لو حمل على وقت الأجزاء يلزم التخصيص ولا خفاء في أن السلامة عنه مرجح ظاهر واضح وعلى هذا فلا دلالة في هذه الأخبار على عموم الحكم وعلى تقدير حمل وقت الفريضة على ما بعد الذراع والذراعان كما اطلق ذلك في عدة من الاخبار لا يبعد حمل التطوع فيما عد الخبر الأول على النوافل المرتبة كما لا يخفى على المتأمل في الأحاديث فينتفى العموم من هذه الجهة ثم هذه الأخبار محمولة على الأفضلية ويدل على ذلك ما رواه الشيخ والكليني في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام إذا دخل وقت الفريضة (أتنفل) أو ابدا بالفريضة قال إن الفضل ان تبدأ بالفريضة وانما أخرت الظهر ذراعا من عند الزوال من أجل صلاة الأوابين والظاهر أن المراد بوقت الفريضة في هذا الخبر ما بعد الذراع والذراعين في الظهر والعصر مثلا كما نطقت به الأخبار الكثيرة الدالة على أنه أول الوقت المحمولة على الفضيلة أو معنى اخر سيجيئ بيانه جمعا بينها وبين غيرها من الأخبار الكثيرة الدالة على أن أول وقت الأجزاء الزوال وفي قوله انما أخرت الظهر تنبيه واضح عليه وهو بمعنى ظاهر في صحيحة زرارة المتضمنة لان وقت الظهر بعد ذراع والعصر بعد ذراعين حيث قال فيه انما جعل الذراع والذراعان لمكان النافلة فان المراد بصلاة الأوابين
(٢٠٢)