بعد صلاة الفجر كما فهمه المحقق وثانيهما ان يكون المراد به صلها بعد طلوع الفجر كما فهمه بعض المتأخرين وزعم دلالتها على جواز الاتيان بها بعد طلوع الفجر على جواز وما دل على تقديم الفريضة على الأفضلية واثبات ذلك لا يخلو عن اشكال ويمكن الجمع بين الروايات بان يحمل النهي عن المداومة ولعل في قوله اوتر اشعار في ذلك لما في صيغة المضارع من الدلالة على الاستمرار وفي رواية سليمان بن خالد وعمر بن يزيد اشعار بذلك واعلم أن المشهور بين الأصحاب ان اخر وقت صلاة الليل طلوع الفجر الثاني والمنقول عن المرتضى ان اخره طلوع الفجر الأول قال في الذكرى ولعله نظر إلى جواز ركعتي الفجر حينئذ والثالث ان دخول وقت صلاة انما يكون بعد خروج وقت أخرى وفيه نظر لدلالة الأخبار الكثيرة على جوازها إلى اخر الليل وظاهر ان ما قبل طلوع الفجر الثاني من الليل مع ما سيجيئ من أن محل ركعتي الفجر قبل الفجر ومعه وبعده ووقتهما اي ركعتي الفجر بعد طلوع الفجر الأول ما اختاره المصنف مذهب المرتضى والشيخ في المبسوط وقال الشيخ في النهاية وقتها عند الفراغ من صلاة الليل وإن كان ذلك قبل طلوع الفجر الأول وهو مذهب ابن بابويه واختاره ابن إدريس وابن البراج وجمهور المتأخرين وقال ابن بابويه كلما قرب من الفجر كان أفضل (وقال في المعتبر ان تأخيرها حتى تطلع الفجر الأول أفضل) والأقرب ما ذهب إليه الأكثر لنا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت الرضا عليه السلام عن ركعتي الفجر فقال احشوا بهما صلاة الليل وفي الصحيح عن ابن أبي نصر أيضا قال قلت لأبي الحسن ركعتي الفجر اصليهما قبل الفجر وبعد الفجر فقال قال أبو جعفر عليه السلام أحشو بهما صلاة الليل وصلتهما قبل الفجر وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول صل ركعتي الفجر قبل الفجر وبعد وعنده وفي الصحيح عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ركعتي الفجر متى اصليهما فقال قبل الفجر ومعه وبعده وفي الحسن عليه السلام لإبراهيم بن هاشم عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام الركعتان اللتان قبل الغداة أين موضعهما فقال قبل طلوع الفجر فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة وفي الصحيح عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال انما على أحدكم إذا انتصف الليل ان يقوم فيصلي صلاته جملة واحدة ثلث عشرة ركعة ثم إن شاء جلس فدعا وان شاء نام وان شاء ذهب حيث شاء وفي الصحيح عن حماد بن عيسى عن محمد بن حمزة بن بيض عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن أول وقت ركعتي الفجر قال سدس الليل الباقي ولعله محمول على الفضيلة وفي موثقة زرارة لابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام وثلث عشرة ركعة من اخر الليل منها الوتر وركعتا الفجر وفي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام وبعد ما ينتصف الليل ثلث عشرة ركعة منها الوتر ومنها ركعتا الفجر وفي صحيحة الحارث النصري وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي ثلث عشرة ركعة من الليل وروى ابن بابويه مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام في وصف صلاة رسول الله ويصلي ركعتي الفجر قبل الفجر وعنده وبعده ويدل عليه اخبار أخرى وإن كان في أسانيد أكثرها خللا واما مستند الشيخ والمرتضى في أن أول وقتهما طلوع الفجر الأول فلعله صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال قال أبو عبد الله عليه السلام صلهما بعد ما يطلع الفجر وصحيحة يعقوب بن سالم البزاز قال قال أبو عبد الله عليه السلام صلهما (بعد الفجر) وحملهما لفظ الفجر على الفجر الأول لتناسب الاخبار السالفة لكن يبعد هذا الحمل فيما رواه أبو بكر الخضرمي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت متى أصلي ركعتي الفجر فقال حين يعترض الفجر وهو الذي سمته العرب الصديع لان الصديع هو الصبح والجواب ان هذين الخبرين معارضان بالأخبار المستفيضة السابقة فيحملان على الفضيلة جمعا بين الاخبار مع امكان المناقشة في دلالتهما لعدم وضوح مرجع الضمير على أن حمل الخبرين على التقية بعد حمل الفجر على الفجر الثاني كما هو الظاهر حمل حسن لان مذهب جمهور العامة ان هاتين الركعتين انما تصليان بعد طلوع الفجر الثاني ويؤيد ذلك ما رواه أبو بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام متى أصلي ركعتي الفجر قال فقال لي بعد طلوع الفجر قلت له ان أبا جعفر عليه السلام امرني ان اصليهما قبل طلوع الفجر فقال يا أبا محمد ان الشيعة اتوا أبي مسترشدين فأفتاهم يمر الحق واتوني (شكاكا) مشكاكا فأفتيتهم بالتقية وهذان الخبران مستند المحقق في أفضلية التأخير إلى طلوع الفجر الأول ويخدشه قرب احتمال حملها على التقية كما عرفت ويمتد وقت نافلتي الفجر إلى أن يطلع الفجر الحمرة فان طلعت ولم يصلهما بدا بالفريضة هذا هو المشهور بين الأصحاب ويدل عليه الأخبار الكثيرة السابقة الدالة على جواز فعلهما بعد الفجر فان البعدية مستمرة إلى طلوع الحمرة ويدل على انتهاء الوقت بذلك صحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر ويظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما أو يؤخرهما قال يؤخرهما وقال ابن الجنيد على ما نقل عنه وقت صلاة الليل والوتر والركعتين من حين انتصاف الليل إلى طلوع الفجر على الترتيب وهو ظاهر اختيار الشيخ في كتابي الاخبار ويدل عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن ركعتي الفجر قبل طلوع الفجر أو بعد الفجر فقال قبل الفجر (انها) من صلاة الليل ثلث عشرة ركعة صلاة الليل أتريد ان تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوع إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدء بالفريضة (وصحيحة سليمان بن خالد قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الركعتين قبل الفجر قال تركعهما حتى تنور الغداة انهما قبل الغداة ويدل عليه أيضا حسنة زرارة) وصحيحة ابن أبي نصر السابقتان والجمع بين هذه الأخبار وبين ما دل على جواز فعلهما قبل الفجر وبعده ممكن بوجهين أحدهما حمل هذه الأخبار على الفضيلة والأخبار السابقة على الجواز والثاني حمل الفجر في الأخبار السابقة على الفجر الأول والظاهر رجحان الأول على الثاني ويؤيده رواية الحسين بن أبي العلا قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يقوم وقد تنور بالغداة قال فليصل السجدتين اللتين قبل الغداة (ثم يصل الغداة) وقد يقال في تأويل صحيحة زرارة وجه اخر وهو ان الغرض من ذكر التطوع بالصوم لمن عليه شئ من قضاء شهر رمضان معارضة ما عقله عليه السلام عن زرارة وهو مجادلة قياس ركعتي الفجر على غيرهما من النوافل المتعلقة بالفرائض من حيث إن الوقت فيها متحد مع وقت الفريضة فيكون وقت ركعتي الفجر بعد طلوع الفجر ودخول وقت الفريضة وحاصل المعارضة ان اشتغال الذمة بالصوم الواجب مانع من التطوع فيقاس عليه حكم ركعتي الفجر ويقال ان دخول وقت الفريضة بطلوع الفجر يمنع من الاشتغال بالتطوع فلا مساغ لفعلهما بعد الفجر والمطلوب بهذه المعارضة بيان فساد القياس لا التنبيه على الوجه الصحيح وبهذا الوجه يندفع اشكال المقايسة المفهوم من الخبر فان اعتبار القياس مما لا خفاء في ثبوت انكاره عن طريقتهم عليهم السلام ويمكن دفع هذا الاشكال بوجهين آخرين أحدهما انه عليه السلام لما علم أن زرارة كثيرا ما يبحث مع المخالفين ويبحثون معه علمه طريقا لالزامهم على أصولهم وثانيهما ان يكون الغرض تنبيها على اتحاد حكم المسئلتين وتمثيل مسألة مجهولة له بمسألة معلومة وليس المقصود القياس المصطلح اعلم أنه ذكر الشيخ وجماعة من الأصحاب ان الأفضل اعادتهما بعد طلوع الفجر الأول إذا صلاهما قبل استنادا إلى صحيحة حماد بن عثمان قال قال أبو عبد الله وبما صليتهما وعلى ليل فان تمت ولم تطلع الفجر أعديهما (أعدتهما) وموثقة زرارة لابن بكير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول اني لأصلي صلاة الليل فافرغ من صلوتي وأصلي الركعتين فأنام ما شاء الله قبل ان يطلع الفجر فان استيقظت عند الفجر أعدتهما والروايتان مخصوصتان بصورة النوم بعدهما قبل طلوع الفجر فالاستدلال بهما على الاستحباب مطلقا محل اشكال مع أن الظاهر من الفجر الفجر الثاني فتعيين الفجر الأول مشكل ويستفاد من هاتين الروايتين عدم كراهية النوم بعد صلاة الليل وقطع الشيخ والمصنف بالكراهة لما رواه سليمان عن (بن) حفص المروزي قال قال أبو الحسن الأخير إياك والنوم بين صلاة الليل والفجر ولكن ضجعة بلا نوم فان صاحبه لا يحمد على ما قدم من صلاته وفي طريقه ضعف ويجوز تقديمها على الفجر وقد مر بيان ذلك وقضاء صلاة الليل (أفضل) من تقديمها وهيهنا مسئلتان الأولى يجوز تقديم نوافل الليل على الانتصاف لمسافر يصده جده أو شاب يمنعه رطوبة رأسه عن القيام إليها في وقتها على المشهور بين الأصحاب ونقل عن زرارة بن أعين المنع من تقديمها على الانتصاف مطلقا وانه قال
(٢٠١)