ثم صلى ويؤيده أيضا ما دل على جواز تأخير الصائم في الصورتين المعروفتين وما دل على جواز تأخيرها إلى المزدلفة إما حجة المفيد والشيخ على استثناء المسافر فلعلها ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألته عن الرجل يدركه صلاة المغرب في الطريق أيؤخرها إلى أن تغيب الشفق قال لا باس بذلك في السفر فاما في الحضر فدون ذلك شيئا وصحيحة عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس ان يؤخر المغرب في السفر حتى تغيب الشفق ولا باس بان يجعل العتمة في السفر قبل ان يغيب الشفق ويؤيده ما روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا جد به السير اخر المغرب وجمع بينها وبين العشاء والاستدلال بهذين الصحيحين على التوقيت في الحضر بذهاب الشفق ضعيف لضعف دلالة المفهوم وعدم ظهور الباس في التحريم ويؤيده قوله ولا باس بان يجعل العتمة لما سيجئ من جواز ذلك وقوله فاما في الحضر فدون ذلك شيئا في الخبر الأول فغير واضح الدلالة على الوجوب مع أن طريقة الجمع تقتضي حملها على الاستحباب احتج القائل بان ما بعد الشفق وقت المضطر بموثقة أبي أسامة السابقة في المسألة المتقدمة ورواية سعيد بن جناح عن بعض أصحابنا عن الرضا قال إن أبا الخطاب قد كان أفسد عامة أهل الكوفة وكانوا لا يصلون المغرب حين تغيب الشفق وانما ذلك للمسافر والخائف ولصاحب الحاجة موثقة جميل بن دراج قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في الرجل يصلي المغرب بعدما يسقط الشفق فقال لعلة لا باس قلت فالرجل يصلي العشاء قبل ان يسقط الشفق فقال لعلة لا باس وله الاستدلال أيضا بالجمع بين ما دل على التوسعة وما دل على التضييق والجواب عن الأول قد سبق وعن الثاني قوله عليه السلام وانما ذلك إلى اخر الخبر غير صريح في اختصاص الجواز المطلق بهم بل يجوز ان يكون المراد اختصاص إباحة التأخير من غير رجحان لهم وعن الثالث بمامر احتج القائل بتحديد وقت المضطر إلى ربع الليل بروايتي عمرو بن يزيد وبما ورد من استحباب تأخير المفيض من عرفات للمزدلفة وان صار ربع الليل والجواب عن الأول انه غير صريح في انتهاء الوقت به وتخصيصه بالذكر يجوز ان يكون للفضيلة وعن الثاني ان الامر بتأخير الصلاة في ذلك المحل إلى هذه الغاية لا يقتضي خروج الوقت في غير ذلك المحل بمضي الربع بل ربما كان فيه دلالة على خلافه والا لما ساغ ذلك مع أن المروى في صحاح الاخبار بتأخيرها إلى المزدلفة وان ذهب ثلثا الليل ففيه تلويح بالتوسعة وبما أسلفنا يعلم حجة القائل بامتداد وقت المختار إلى ذهاب الشفق ووقت المضطر إلى نصف الليل مع جوابها ومما ذكرنا يعلم أن وقت الفضيلة إلى ذهاب الشفق ثم إلى ربع الليل واما ما ذكرنا من امتداد وقت المضطر إلى ما قبل الفجر بمقدار العشاء فيدل على ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نام رجل ونسى ان يصلي المغرب والعشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قيل ما يصليهما كلتيهما فليصليهما وان خاف ان يفوته إحديهما فليبدأ بالعشاء وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس وما رواه في الصحيح عن شعيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نام رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء الآخرة أو نسي فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما وان يخشى ان يفوته أحدهما فليبدء بالعشاء الآخرة وان استيقظ بعد الفجر فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف ان تطلع الشمس ويفوته إحدى الصلاتين فليصل المغرب وليدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ثم ليصلها وما رواه الشيخ في الموثق عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في جملة حديث وان طهرت في اخر الليل فلتصل المغرب والعشاء الآخرة وقد يجاب عن الخبر الأول بحمل القبلة على ما قبل بعد الانتصاف وهو بعيد جدا وهو على بعده يجرى في الخبر الثاني أيضا وقد يجاب عن الثالث بالحمل على الاستحباب ولا يخفى ان الخبرين غير دالين على التعميم فلو قيل باختصاص الحكم بالنائم والساهي والحائض قصر الحكم على مورد الخبر لم يكن بعيدا الا ان يثبت عدم القائل بالفصل وحينئذ يتجه التعميم و يؤيده ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر لكنه ضعيف السند ولا يخفى انه يمكن حمل هذه الأخبار على التقية لموافقتها لمذهب العامة احتج القائل بان للمغرب وقتا واحدا بما رواه الشيخ في الصحيح عن أديم بن الحر قال سمعت أبا عبد الله يقول إن جبرئيل أمر رسول الله صلى الله عليه وآله الصلوات كلها فجعل لكل صلاة وقتين الا المغرب فإنه جعل لها وقتا واحدا وما رواه الشيخ والكليني في الصحيح عن زيد الشحام قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن وقت المغرب فقال إن جبرئيل اتى النبي صلى الله عليه وآله لكل صلاة بوقتين غير صلاة المغرب فان وقتها واحد ووقتها وجوبها قال الشيخ أبو جعفر الكليني بعد نقل هذا الخبر وما رواه عن زرارة والفضيل قالا قال أبو جعفر عليه السلام ان لكل صلاة وقتين الا المغرب فان وقتها وجوبها وقت فوتها سقوط الشفق والظاهر ارجاع الضمير إلى حريز فيكون هذا الخبر من الصحاح والجواب انا بينا بالاخبار الكثيرة سعة وقت المغرب وقانون الجمع يقتضى ارتكاب التأويل في هذه الأخبار فاندفع الاستدلال بظاهرها قال الكليني بعد نقل الرواية المذكورة وروى أيضا ان لها وقتين اخر وقتها سقوط الشفق وليس هذا مما يخالف الحديث الأول ان لها وقتا واحدا لان الشفق هو الحمرة وليس بين غيبوبة الشمس وغيبوبة الشفق الا شئ يسير وذلك أن علامة غيبوبة الشمس بلوغ الحمرة القبلة وليس بين بلوغ الحمرة القبلة وبين غيبوبتها الا قدر ما يصلي الانسان صلاة المغرب ونوافلها إذا صلاها على تؤدة وسكون وقد تفقدت ذلك غير مرة ولذلك صار وقت المغرب ضيقا واعلم أن مدلول هذه الروايات لا يخلو عن اجمال وان أردت ان تحيط بوجوه التأويل فيها فاعلم أن الشيخ روى في الموثق عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام اتيان جبرئيل بمواقيت الصلاة وقد مر الخبر في وقت الظهر وروى الشيخ مدلوله بطريقين آخرين بتفاوت في المتن وقد مر (في) وقت الظهر مع بيان وجه الجمع بينها إذا عرفت هذا فاعلم أن الاخبار التي هي مورد البحث احتمالات الأول ان يكون المراد بأول الوقتين المفهوم منها وقت الفضيلة والمراد بثانيهما وقت الأجزاء ويكون المراد (المعنى) ان جبرئيل اتى لكل صلاة بوقتين الا المغرب فإنه لم يأت بها الا بوقت واحد كما هو المستفاد من الاخبار الثلاثة المذكورة وحينئذ يكون معنى قوله الا المغرب فان لها وقتا واحدا فيما نزل به جبرئيل في مبدء التوقيت وحينئذ فقوله فان وقتها وجوبها يحتمل وجهين أحدهما ان يكون المراد فان وقتها فيما نزل به جبرئيل واحد وهو وجوب الشمس اي سقوطها وثانيهما ان يكون المراد فان وقتها اي وقت المغرب وقت وجوب المغرب من غير أن يكون لها فضيلة واجزاء فيما نزل به جبرئيل وعلى هذا يبقى في الحمل اشكالات الأول ان الوقت الأول المذكور في تلك الروايات للظهر والعصر ليس وقتا للفضيلة لما سيجئ عن أن وقت الفضيلة للظهرين ما بعد النوافل أو هو للظهر إذا صار الفئ ذراعا وللعصر ذراعان وهو الوقت الثاني المذكور في تلك الروايات إما صريحا واما بالتأويل الذي ذكرنا هناك الثاني ان امتداد وقت الأجزاء أكثر مما يعلم من تلك الأخبار الثالث ان المستفاد من الاستثناء ان لا يكون للمغرب وقتا فضيلة واجزاء وهو خلاف ما تبين الرابع ان المستفاد من قوله وقت فوتها سقوط الشفق ان لوقت المغرب امتدادا فيكون لها فضيلة واجزاء فيما نزل به جبرئيل عليه السلام ويمكن دفع الاشكال الأول بأنه يجوز ان يكون الامر كذلك في مبدء الوقت ثم نسخ ولعل ذكره عليه السلام ذلك من غير بيان للنسخ وجود مصلحة في ذلك كتقية أو غيرها وبهذا يندفع الاشكال الثاني واما الثالث فيندفع بان المستفاد من الاستثناء ان جبرئيل لم يأت للمغرب بوقتين في مبدء الوقت و ذلك لا ينافي ان يثبت لها وقتان ثانيا بان نسخ الأول كما مر في رفع الاشكالين السابقين الاحتمال الثاني ان يكون المراد بأول الوقتين المفهوم من الاخبار وقت الأجزاء وبثانيهما وقت الفضيلة فيكون المعنى ان للمغرب وقتا واحدا فان وقتها وجوبها اي وجوب المغرب من غير أن يكون لها وقت فضيلة واجزاء
(١٩٥)