____________________
قيل: وهذا من قبيل الاحتراس، وهو أن يأتي المتكلم بمعنى يتوجه عليه فيه دخل، فيفطن له فيأتي بما يخلصه، كقوله تعالى: «اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء» (1)، احترس سبحانه بنفي السوء عن البهق والبرص وكقول طرفة:
فسقى ديارك غير مفسدها * صوب الربيع وديمة تهمي (2) فقوله: «غير مفسدها» احتراس حسن، لأن الديمة مما يعفي آثارها ويمحو معالمها، وكذا قوله عليه السلام: «غير ملث» احتراس، لأن الإلثاث يعفو الديار ويمحو معالمها انتهى.
وفيه: أن وصفه عليه السلام السحاب بكونه هنيئا مريئا طيبا لم يبق لتوجه دخل عليه احتمالا حتى يحتاج إلى الاحتراس منه، فكيف يكون قوله: «غير ملث ودقه» احتراسا؟ وإنما عد قول طرفة: «غير مفسدها» احتراسا، لأنه طلب للديار مطلق السقي، وهو محتمل لأن يكون سببا للفساد، فاحترس بقوله: «غير مفسدها». على أنه قد تعقبه بعض المحققين بأن مجرد احتمال كون المطر سببا للفساد لا يكفي في إيهام خلاف المقصود، بل لا بد من وقوع سبق إلى الذهن، ولا يسبق من السقي الا الإصلاح لشيوعه في ذلك، اللهم إلا أن يقال: سبق الذهن بالفساد من قوله:
«ديمة»، فإن الديمة هي المطر الدائم، وبعد لا يخلو من شوب، لأن تقدم قوله: «غير مفسدها» على قوله «وديمة تهمي» يدفع هذا التوجيه انتهى.
والصواب أن قوله عليه السلام: «غير ملث ودقه ولا خلب برقه» من باب التكميل، فيكون وصفه بذلك تكملة لما قبله، ليكون جامعا بين صفة النفع التام المرغوب فيه، وصفة السلامة من الإفساد بالإفراط المدلول عليه بقوله: «غير ملث ودقه»، والتفريط المدلول عليه بقوله: «ولا خلب برقه».
فسقى ديارك غير مفسدها * صوب الربيع وديمة تهمي (2) فقوله: «غير مفسدها» احتراس حسن، لأن الديمة مما يعفي آثارها ويمحو معالمها، وكذا قوله عليه السلام: «غير ملث» احتراس، لأن الإلثاث يعفو الديار ويمحو معالمها انتهى.
وفيه: أن وصفه عليه السلام السحاب بكونه هنيئا مريئا طيبا لم يبق لتوجه دخل عليه احتمالا حتى يحتاج إلى الاحتراس منه، فكيف يكون قوله: «غير ملث ودقه» احتراسا؟ وإنما عد قول طرفة: «غير مفسدها» احتراسا، لأنه طلب للديار مطلق السقي، وهو محتمل لأن يكون سببا للفساد، فاحترس بقوله: «غير مفسدها». على أنه قد تعقبه بعض المحققين بأن مجرد احتمال كون المطر سببا للفساد لا يكفي في إيهام خلاف المقصود، بل لا بد من وقوع سبق إلى الذهن، ولا يسبق من السقي الا الإصلاح لشيوعه في ذلك، اللهم إلا أن يقال: سبق الذهن بالفساد من قوله:
«ديمة»، فإن الديمة هي المطر الدائم، وبعد لا يخلو من شوب، لأن تقدم قوله: «غير مفسدها» على قوله «وديمة تهمي» يدفع هذا التوجيه انتهى.
والصواب أن قوله عليه السلام: «غير ملث ودقه ولا خلب برقه» من باب التكميل، فيكون وصفه بذلك تكملة لما قبله، ليكون جامعا بين صفة النفع التام المرغوب فيه، وصفة السلامة من الإفساد بالإفراط المدلول عليه بقوله: «غير ملث ودقه»، والتفريط المدلول عليه بقوله: «ولا خلب برقه».