فيهما جميعا إذا بات وإن وجد منفوذ المقاتل، وقال الشافعي: القياس أن لا تأكله إذا غاب عنك مصرعه، وقال أبو حنيفة: إذا توارى الصيد والكلب في طلبه فوجده المرسل مقتولا جاز أكله ما لم يترك الكلب الطلب، فإن تركه كرهنا أكله. والسبب الثاني: اختلاف الآثار في هذا الباب، فروى مسلم والنسائي والترمذي وأبو داود عن أبي ثعلبة عن النبي عليه الصلاة والسلام في الذي يدرك صيده بعد ثلاث فقال: كل ما لم ينتن وروى مسلم عن أبي ثعلبة أيضا عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: إذا رميت سهمك فغاب عنك مصرعه فكل ما لم يبت وفي حديث عدي بن حاتم أنه قال عليه الصلاة والسلام: إذا وجدت سهمك فيه ولم تجد فيه أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فكل. ومن هذا الباب اختلافهم في الصيد يصاد بالسهم أو يصيبه الجارح فيسقط في ماء أو يتردى من مكان عال، فقال مالك: لا يؤكل لأنه لا يدرى من أي الامرين مات، ألا أن يكون السهم قد أنفذ مقاتله ولا يشك أن منه مات، وبه قال الجمهور. وقال أبو حنيفة: لا يؤكل إن وقع في ماء منفوذ المقاتل، ويؤكل إن تردى.
وقال عطاء: لا يؤكل أصلا إذا أصيبت المقاتل وقع في ماء أو تردى من موضع عال لامكان أن يكون زهوق نفسه من قبل التردي أو من الماء قبل زهوقها من قبل إنفاذ المقاتل. وأما موته من صدم الجارح له، فإن ابن القاسم منعه قياسا على المثقل وأجازه أشهب لعموم قوله تعالى: * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * ولم يختلف المذهب أن ما مات من خوف الجارح أنه غير مذكى. وأما كونه في حين الارسال غير مقدور عليه، فإنه شرط فيما علمت متفق عليه. وذلك يوجد إذا كان الصيد مقدورا على أخذه باليد دون خوف أو غرر. إما من قبل أنه قد نشب في شئ أو تعلق بشئ أو رماه أحد فكسر جناحه أو ساقه، وفي هذا الباب فروع كثيرة من قبل تردد بعض الأحوال بين أن يوصف فيها الصيد بأنه مقدور عليه أو غير مقدور عليه. مثل أن تضطره الكلاب فيقع في حفرة، فقيل في المذهب يؤكل وقيل لا يؤكل. واختلفوا في صفة العقر إذا ضرب الصيد فأبين منه عضو فقال قوم: يؤكل الصيد إلا ما بان منه، وقال قوم: يؤكلان جميعا، وفرق قوم بين أن يكون ذلك العضو مقتلا أو غير مقتل، فقالوا: إن كان مقتلا أكلا جميعا وإن كان غير مقتل أكل الصيد ولم يؤكل العضو.
وهو معنى قول مالك، وإلى هذا يرجع خلافهم في أن يكون القطع بنصفين أو يكون أحدهما أكبر من الثاني. وسبب اختلافهم: معارضة قوله عليه الصلاة والسلام ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة لعموم قوله تعالى: * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * ولعموم قوله تعالى: * (تناله أيديكم ورماحكم) * فمن غلب حكم الصيد وهو العقر مطلقا قال: يؤكل