الغلام شاتان. ودليل من اقتصر بها على الذكر قوله عليه الصلاة والسلام كل غلام مرتهن بعقيقته. وأما العدد فإن الفقهاء اختلفوا أيضا في ذلك، فقال مالك: يعق عن الذكر والأنثى بشاة شاة، وقال الشافعي وأبو ثور وأبو داود وأحمد: يعق عن الجارية شاة وعن الغلام شاتان. وسبب اختلافهم: اختلاف الآثار في هذا الباب. فمنها حديث أم كرز الكعبية خرجه أبو داود قال: سمعت رسول الله (ص) يقول في العقيقة عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة والمكافأتان: المتماثلتان. وهذا يقتضي الفرق في ذلك بين الذكر والأنثى، وما روي أنه عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا يقتضي الاستواء بينهما.
وأما وقت هذا النسك فإن جمهور العلماء على أنه يوم سابع المولود، ومالك لا يعد في الأسبوع اليوم الذي ولد فيه إن ولد نهارا، وعبد الملك بن الماجشون يحتسب به. وقال ابن القاسم في العتبية: إن عق ليلا لم يجزه. واختلاف أصحاب مالك في مبدأ وقت الاجزاء، فقيل وقت الضحايا: أعني ضحى، وقيل بعد الفجر قياسا على قول مالك في الهدايا، ولا شك أن من أجاز الضحايا ليلا أجاز هذه ليلا، وقد قيل يجوز في السابع الثاني والثالث.
وأما سن هذا النسك وصفته فسن الضحايا وصفتها الجائزة، أعني أنه يتقى فيها من العيوب ما يتقي في الضحايا، ولا أعلم في هذا خلافا في المذهب ولا خارجا منه.
وأما حكم لحمها وجلدها وسائر أجزائها فحكم لحم الضحايا في الأكل والصدقة ومنع البيع، وجميع العلماء على أنه كان يدمى رأس الطفل في الجاهلية بدمها وأنه نسخ في الاسلام. وذلك لحديث بريدة الأسلمي قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح له شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الاسلام كنا نذبح ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران وشذ الحسن وقتادة فقالا: يمس رأس الصبي بقطنة قد غمست في الدم، واستحب كسر عظامها لما كانوا في الجاهلية يقطعونها من المفاصل. واختلف في حلاق رأس المولود يوم السابع، والصدقة بوزن شعره فضة، فقيل هو مستحب، وقيل هو غير مستحب، والقولان عن مالك، والاستحباب أجود، وهو قول ابن حبيب لما رواه مالك في الموطأ أن فاطمة بنت رسول الله (ص) حلقت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم. وتصدقت بزنة ذلك فضة.