وفيه أثر ضعيف. وأكثر العلماء على أن الجراد من صيد البر يجب على المحرم فيه الجزاء واختلفوا في الواجب من ذلك، فقال عمر رضي الله عنه: قبضة من طعام وبه قال مالك. وقال أبو حنيفة وأصحابه: تمرة خير من جرادة. وقال الشافعي: في الجراد قيمته، وبه قال أبو ثور إلا أنه قال: كل ما تصدق به من حفنة طعام أو تمرة فهو له قيمة وروي عن ابن عباس أن فيها تمرة مثل قول أبي حنيفة: وقال ربيعة: فيها صاع من طعام وهو شاذ وقد روي عن ابن عمر أن فيها شويهة وهو أيضا شاذ، فهذه هي مشهورات ما اتفقوا على الجزاء فيه، واختلفوا فيما هو الجزاء فيه. وأما اختلافهم فيما هو صيد مما ليس بصيد، وفيما هو من صيد البحر مما ليس منه فإنهم اتفقوا على أن صيد البر محرم على المحرم إلا الخمس الفواسق المنصوص عليها. واختلفوا فيما يلحق بها مما ليس يلحق. وكذلك اتفقوا على أن صيد البحر حلال كله للمحرم، واختلفوا فيما هو من صيد البحر مما ليس منه، وهذا كله لقوله تعالى: * (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة، وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) * ونحن نذكر مشهور ما اتفقوا عليه من هذين الجنسين وما اختلفوا فيه، فنقول: ثبت من حديث ابن عمر وغيره أن رسول الله (ص) قال: خمس من الدواب ليس على المحرم جناح في قتلهن: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور واتفق العلماء على القول بهذا الحديث، وجمهورهم على القول بإباحة قتل ما تضمنه لكونه ليس بصيد وإن كان بعضهم اشترط في ذلك أوصافا ما.
واختلفوا هل هذا باب من العام أريد به الخاص. أو باب من الخاص أريد به العام، والذين قالوا هو من باب الخاص أريد به العام اختلفوا في أي عام أريد بذلك، فقال مالك: الكلب العقور الوارد في الحديث إشارة إلى كل سبع عاد، وأن ما ليس بعاد من السباع فليس للمحرم قتله ولم ير قتل صغارها التي لا تعدو ولا ما كان منها أيضا لا يعدو. ولا خلاف بينهم في قتل الحية والأفعى والأسود، وهو مروي عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص) تقتل الأفعى والأسود وقال مالك: لا أرى قتل الوزغ، والاخبار بقتلها متواترة، لكن مطلقا لا في الحرم ولذلك توقف فيها مالك في الحرم. وقال أبو حنيفة: لا يقتل من الكلاب العقورة إلا الكلب الانسي والذئب، وشذت طائفة فقالت: لا يقتل إلا الغراب الأبقع. وقال الشافعي: كل محرم الأكل فهو معني في الخمس. وعمدة الشافعي أنه إنما حرم على المحرم ما أحل للحلال، وأن المباحة الأكل لا يجوز قتلها بإجماع لنهي رسول الله (ص) عن صيد البهائم. وأما أبو حنيفة فلم يفهم من اسم الكلب الانسي فقط بل من معناه كل ذئب وحشي. واختلفوا في الزنبور فبعضهم شبهه بالعقرب، وبعضهم رأى أنه أضعف نكاية من