ومن قتل بقرة وحشية فعليه إنسية، فقال مالك: يستأنف في كل ما وقع من ذلك الحكم به، وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: إن اجتزأ بحكم الصحابة مما حكموا فيه جاز، ومنها هل الآية على التخيير أو على الترتيب؟ فقال مالك: هي على التخيير، وبه قال أبو حنيفة، يريد أن الحكمين يخيران الذي عليه الجزاء. وقال زفر: هي على الترتيب، واختلفوا هل يقوم الصيد أو المثل إذا اختار الاطعام إن وجب على القول بالوجوب فيشتري بقيمته طعاما؟ فقال مالك: يقوم الصيد، وقال الشافعي: يقوم المثل، ولم يختلفوا في تقدير الصيام بالطعام بالجملة، وإن كانوا اختلفوا في التفصيل، فقال مالك: يصوم لكل مد يوما وهو الذي يطعم عندهم كل مسكين، وبه قال الشافعي وأهل الحجاز. وقال أهل الكوفة: يصوم لكل مدين يوما، وهو القدر الذي يطعم كل مسكين عندهم. واختلفوا في قتل الصيد خطأ هل فيه جزاء أم لا؟ فالجمهور على أن فيه الجزاء وقال أهل الظاهر:
لا جزاء عليه. واختلفوا في الجماعة يشتركون في قتل الصيد، فقال مالك: إذا قتل جماعة محرمون صيدا فعلى كل واحد منهم جزاء كامل، وبه قال الثوري وجماعة وقال الشافعي:
عليهم جزاء واحد وفرق أبو حنيفة بين المحرمين يقتلون الصيد وبين المحلين يقتلونه في الحرم فقال: على كل واحد من المحرمين جزاء وعلى المحلين جزاء واحد واختلفوا هل يكون أحد الحكمين قاتل الصيد، فذهب مالك إلى أنه لا يجوز وقال الشافعي: يجوز واختلف أصحاب أبي حنيفة على القولين جميعا واختلفوا في موضع الاطعام، فقال مالك: في الموضع الذي أصاب فيه الصيد إن كان ثم طعام، وإلا ففي أقرب المواضع إلى ذلك الموضع. وقال أبو حنيفة: حيثما أطعم. وقال الشافعي: لا يطعم إلا مساكين مكة. وأجمع العلماء على أن المحرم إذا قتل الصيد أن عليه الجزاء للنص في ذلك. واختلفوا في الحلال يقتل الصيد في الحرم. فقال جمهور فقهاء الأمصار: عليه الجزاء. وقال داود وأصحابه: لا جزاء عليه. ولم يختلف المسلمون في تحريم قتل الصيد في الحرم وإنما اختلفوا في الكفارة وذلك لقوله سبحانه: * (أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا) * وقول رسول الله (ص): إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض وجمهور فقهاء الأمصار على أن المحرم إذا قتل الصيد وأكله أنه ليس عليه كفارة واحدة. وروي عن عطاء وطائفة أن فيه كفارتين فهذه هي مشهورات المسائل المتعلقة بهذه الآية.
(وأما الأسباب التي دعتهم إلى هذا الاختلاف): فنحن نشير إلى طرق منها فنقول:
أما من اشترط في وجوب الجزاء أن يكون القتل عمدا فحجته أن اشتراط ذلك نص في الآية، وأيضا فإن العمد هو الموجب للعقاب والكفارات عقابا ما. وأما من أوجب الجزاء