رسول الله (ص) للناس بمنى والناس يسألونه، فجاء رجل فقال: يا رسول الله.. لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر، فقال عليه الصلاة والسلام: انحر ولا حرج، ثم جاءه آخر فقال:
يا رسول الله.. لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال عليه الصلاة والسلام: ارم ولا حرج، قال: فما سئل رسول الله (ص) يومئذ عن شئ؟ قدم أو أخر إلا قال: افعل ولا حرج وروى هذا من طريق ابن عباس عن النبي (ص). وعمدة مالك أن رسول الله (ص) حكم على من حلق قبل محله من ضرورة بالفدية فكيف من غير ضرورة؟ مع أن الحديث لم يذكر فيه حلق الرأس قبل رمي الجمار، وعند مالك أن من حلق قبل أن يذبح فلا شئ عليه وكذلك من ذبح قبل أن يرمي. وقال أبو حنيفة: إن حلق قبل أن ينحر أو يرمي فعليه دم وإن كان قارنا فعليه دمان. وقال زفر: عليه ثلاثة دماء دم القران ودمان للحلق قبل النحر وقبل الرمي. وأجمعوا على أن من نحر قبل أن يرمي فلا شئ عليه لأنه منصوص عليه، إلا ما روي عن ابن عباس أنه كان يقول: من قدم من حجه شيئا أو أخر فليهرق دما، وأنه من قدم الإفاضة قبل الرمي والحلق أنه يلزمه إعادة الطواف. وقال الشافعي ومن تابعه:
لا إعادة عليه. وقال الأوزاعي: إذا طاف للإفاضة قبل أن يرمي جمرة العقبة ثم واقع أهله أراق دما. واتفقوا على أن جملة ما يرميه الحاج سبعون حصاة منها في يوم النحر جمرة العقبة بسبع، وأن رمي هذه الجمرة من حيث تيسر من العقبة من أسفلها أو من أعلاها أو من وسطها كل ذلك واسع، والموضع المختار منها بطن الوادي لما جاء في حديث ابن مسعود أنه استبطن الوادي ثم قال: من ههنا والذي لا إله غيره رأيت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يرمي. وأجمعوا على أنه يعيد الرمي إذا لم تقع الحصاة في العقبة وأنه يرمي في كل يوم من أيام التشريق ثلاث جمار بواحد وعشرين حصاة كل جمرة منها بسبع، وأنه يجوز أن يرمي منها يومين وينفر في الثالث لقوله تعالى: * (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) * وقدرها عندهم أن يكون في مثل حصى الخذف لما روي من حديث جابر وابن عباس وغيرهم أن النبي عليه الصلاة والسلام رمى الجمار بمثل حصى الخذف والسنة عندهم في رمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق أن يرمي الجمرة الأولى فيقف عندها ويدعو، وكذلك الثانية ويطيل المقام، ثم يرمي الثالثة ولا يقف لما روي في ذلك عن رسول الله (ص) أنه كان يفعل ذلك في رميه والتكبير عندهم عن رمي كل جمرة حسن لأنه يروى عنه عليه الصلاة والسلام. وأجمعوا على أن من سنة رمي الجمار الثلاث في أيام التشريق أن يكون ذلك بعد الزوال. واختلفوا إذا رماها قبل الزوال في أيام التشريق، فقال جمهور العلماء: من رماها قبل الزوال أعاد رميها بعد الزوال وروي عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: رمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها. وأجمعوا على أن من لم يرم