لعب الزمان بها وغيرها بعدي سوا في المحور والقطر بالخفض، ولو عطف على المعنى لرفع القطر.
وأما الفريق الثاني: وهم الذين أوجبوا المسح، فإنهم تأولوا قراءة النصب على أنها عطف على الموضع كما قال الشاعر: فلسنا بالجبال ولا الحديدا. وقد رجح الجمهور قراءتهم هذه بالثابت عنه عليه الصلاة والسلام إذ قال في قوم لم يستوفوا غسل أقدامهم في الوضوء: ويل للأعقاب من النار قالوا فهذا يدل على أن الغسل هو الفرض لان الواجب هو الذي يتعلق بتركه العقاب. وهذا ليس فيه حجة، لأنه إنما وقع الوعيد على أنهم تركوا أعقابهم دون غسل ولا شك أن من شرع في الغسل ففرضه الغسل في جميع القدم، كما أن من شرع في المسح ففرضه المسح عند من يخير بين الامرين، وقد يدل هذا على ما جاء في أثر آخر خرجه أيضا مسلم أنه قال: فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى: ويل للأعقاب من النار. وهذا الأثر وإن كانت العادة قد جرت بالاحتجاج به في منع المسح، فهو أدل على جوازه منه على منعه، لان الوعيد إنما تعلق فيه بترك التعميم لا بنوع الطهارة، بل سكت لمسح أيضا مروي عن بعض الصحابة والتابعين، ولكن من طريق المعنى، الغسل أشد مناسبة للقدمين من المسح كما أن المسح أشد مناسبة للرأس من الغسل، إذ كانت القدمان لا ينقى دنسهما غالبا إلا بالغسل، وينقى دنس الرأس بالمسح، وذلك أيضا غالب، والمصالح المعقولة لا يمتنع أن تكون أسبابا للعبادات المفروضة حتى يكون الشرع لاحظ فيهما معنيين: معنى مصلحيا، ومعنى عباديا، وأعني بالمصلحي ما رجع إلى الأمور المحسوسة، وبالعبادي ما رجع إلى زكاة النفس. وكذلك اختلفوا في الكعبين هل يدخلان في المسح، أو في الغسل عند من أجاز المسح؟ وأصل اختلافهم الاشتراك الذي في حرف] إلى أعني في قوله تعالى: * (وأرجلكم إلى الكعبين) * وقد تقدم القول في اشتراك هذا الحرف في قوله تعالى: * (إلى المرافق) * لكن الاشتراك وقع هنالك من جهتين من اشتراك اسم اليد، ومن اشتراك حرف إلى وهنا من قبل اشتراك حرف إلى فقط. وقد اختلفوا في الكعب ما هو: وذلك لاشتراك اسم الكعب، واختلاف أهل اللغة في دلالته. فقيل: هما العظمان اللذان عند معقد الشراك، وقيل: هما العظمان الناتئان في طرف الساق، ولا خلاف فيما أحسب في دخولهما في الغسل عند من يرى أنهما عند معقد الشراك إذ كانا جزءا من القدم، لذلك قال قو: إنه إذا كان الحد من جنس المحدود دخلت الغاية فيه: أعني الشئ الذي