استسقى على المنبر لا أنها ليست من سننه، كما ذهب إليه أبو حنيفة. وأجمع القائلون بأن الصلاة من سننه على الخطبة أيضا من سننه، لورود ذلك في الأثر. قال ابن المنذر:
ثبت أن رسول الله (ص) صلى صلاة الاستسقاء وخطب. واختلفوا هل هي قبل الصلاة، أو بعدها؟ لاختلاف الآثار في ذلك فرأى قوم أنها بعد الصلاة قياسا على صلاة العيدين، وبه قال الشافعي، ومالك. وقال الليث بن سعد: الخطبة قبل الصلاة. قال ابن المنذر: قد روي عن النبي (ص): أنه استسقى فخطب قبل الصلاة وروي عن عمر بن الخطاب مثل ذلك، وبه نأخذ. قال القاضي: وقد خرج ذلك أبو داود من طرق. ومن ذكر الخطبة، فإنما ذكرها - في علمي - قبل الصلاة. واتفقوا على أن القراءة فيها جهرا. واختلفوا هل يكبر فيها كما يكبر في العيدين؟ فذهب مالك إلى أنه يكبر فيها كما يكبر في سائر الصلوات. وذهب الشافعي إلى أنه يكبر فيها كما يكبر في العيدين. وسبب الخلاف: اختلافهم في قياسها على صلاة العيدين. وقد احتج الشافعي لمذهبه في ذلك بما روي عن ابن عباس: أن رسول الله (ص) صلى فيها ركعتين، كما يصلى في العيدين. واتفقوا على أن من سنتها أن يستقبل الامام القبلة واقفا، ويدعو ويحول رداءه رافعا يديه على ما جاء في الآثار، واختلفوا في كيفية ذلك، ومتى يفعل ذلك. فأما كيفية ذلك، فالجمهور على أنه يجعل أعلاه أسفله وما على يمينه على شماله، وما على شماله على يمينه. وقال الشافعي: بل يجعل أعلاه أسفله، وما على يمينه منه على يساره، وما على يساره على يمينه. وسبب الاختلاف: اختلاف الآثار في ذلك، وذلك أنه جاء في حديث عبد الله بن زيد: أنه (ص) خرج إلى المصلى يستسقي فاستقبل القبلة وقلب رداءه، وصلى ركعتين وفي بعض رواياته: قلت: أجعل الشمال على اليمين، واليمين على الشمال، أم أجعل أعلاه أسفله؟ أنه قال: بل اجعل الشمال على اليمين، واليمين على الشمال وجاء أيضا في حديث عبد الله هذا أنه قال: استسقى رسول الله (ص)، وعليه خميصة له سوداء، فأراد أن يأخذ بأسفلها، فيجعله أعلاها، فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه. وأما متى يفعل الامام ذلك، فإن مالكا والشافعي قالا: يفعل ذلك عند الفراغ من الخطبة وقال أبو يوسف: يحول رداءه إذا مضى صدر من الخطبة وروي ذلك أيضا عن مالك. وكلهم يقول: إنه إذا حول الامام رداءه قائما حول الناس أرديتهم جلوسا، لقوله عليه الصلاة والسلام: إنما جعل الامام ليؤتم به إلا محمد بن الحسن والليث بن سعد وبعض أصحاب مالك، فإن الناس عندهم لا يحولون أرديتهم بتحويل الامام، لأنه لم ينقل ذلك في صلاته عليه الصلاة والسلام بهم، وجماعة [من] العلماء على أن الخروج لها وقت الخروج إلى صلاة العيدين إلا أبا بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم فإنه قال: إن الخروج إليها عند الزوال. وروى أبو داود عن عائشة أن رسول الله (ص) خرج إلى الاستسقاء حين بدا حاجب الشمس.