من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة وحديث ابن عمر عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: المغرب وتر صلاة النهار. فذهب العلماء في هذه الأحاديث مذهب الترجيح:
فمن ذهب إلى أن الوتر ركعة واحدة، فمصيرا إلى قوله عليه الصلاة والسلام: فإذا خشيت الصبح، فأوتر بواحدة وإلى حديث عائشة: أنه كان يوتر بواحدة. ومن ذهب إلى أن الوتر ثلاث من غير أن يفصل بينها، وقصر حكم الوتر على الثلاث فقط، فليس يصح له أن يحتج بشئ مما في هذا الباب، لأنها كلها تقتضي التخيير ما عدا حديث ابن عمر أنه قال عليه الصلاة والسلام: المغرب وتر صلاة النهار فإن لأبي حنيفة أن يقول: إنه إذا شبه شئ بشئ، وجعل حكمهما واحدا، كان المشبه به أحرى أن يكون بتلك الصفة، ولما شبهت المغرب بوتر صلاة النهار وكانت ثلاثا، وجب أن يكون وتر صلاة الليل ثلاثا، وأما مالك، فإنه تمسك في هذا الباب بأنه عليه الصلاة والسلام لم يوتر قط إلا في أثر شفع، فرأى أن ذلك من سنة الوتر، وأن أقل ذلك ركعتان فالوتر عنده على الحقيقة، إما إن يكون ركعة واحدة ولكن من شرطها أن يتقدمها شفع، وإما أن يرى أن الوتر المأمور به، هو يشتمل على شفع، ووتر، فإنه إذا زيد على الشفع وتر صار الكل وترا.
ويشهد لهذا المذهب حديث عبد الله بن قيس المتقدم، فإنه سمى الوتر فيه العدد المركب من شفع، ووتر، ويشهد لاعتقاده أن الوتر هو الركعة الواحدة أنه كان يقول: كيف يوتر بواحدة ليس قبلها شئ، وأي شئ يوتر له؟ وقد قال رسول الله (ص): توتر له ما قد صلى فإن ظاهر هذا القول أنه كان يرى أن الوتر الشرعي هو عدد الوتر بنفسه:
أعني الغير مركب من الشفع والوتر، ذلك أن هذا هو وتر لغيره وهذا التأويل عليه أولى. والحق في هذا أن ظاهر هذه الأحاديث يقتضي التخيير في صفة الوتر من الواحدة إلى التسع على ما روي ذلك من فعل رسول الله (ص). والنظر إنما هو في هل من شرط الوتر أن يتقدمه شفع منفصل، أم ليس ذلك من شرطه، فيشبه أن يقال ذلك من شرطه؟
لأنه هكذا كان وتر رسول الله (ص)، ويشبه أن يقال ليس ذلك من شرطه لان مسلما قد خرج: أنه عليه الصلاة والسلام، كان إذا انتهى إلى الوتر، أيقظ عائشة فأوترت وظاهره أنها كانت توتر دون أن تقدم على وترها شفعا، وأيضا، فإنه خرج من طريق عائشة: أن رسول الله (ص) كان يوتر بتسع ركعات يجلس في الثامنة، والتاسعة، ولا يسلم إلا في التاسعة، ثم يصلي ركعتين، وهو جالس فتلك إحدى عشرة ركعة، فلما أسن، وأخذ اللحم، أوتر بسبع ركعات، لم يجلس إلا في السادسة، والسابعة، ولم يسلم إلا في السابعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتلك تسع ركعات، وهذا الحديث الوتر فيه متقدم على الشفع ففيه حجة على أنه ليس من شرط الوتر أن يتقدمه شفع، وأن الوتر ينطلق على الثلاث، ومن الحجة في ذلك ما روى أبو داود عن أبي بن كعب قال: كان