مالك في الموطأ وروي نحوه عن عمر بن عبد العزيز، وبه قال الشافعي. وقال مالك وأبو حنيفة: إذا اجتمع عيد، وجمعة، فالمكلف مخاطب بهما جميعا العيد على أنه سنة، والجمعة على أنها فرض، ولا ينوب أحدهما عن الاخر وهذا هو الأصل إلا أن يثبت في ذلك شرع يجب المصير إليه. ومن تمسك بقول عثمان، فلانه رأي أن مثل ذلك ليس هو بالرأي وإنما هو توفيق وليس هو بخارج عن الأصول كل الخروج. وأما اسقاط فرض الظهر والجمعة التي هي بدله لمكان صلاة العيد فخارج عن الأصول جدا، إلا أن يثبت في ذلك شرع يجب المصير إليه. واختلفوا فيمن تفوته صلاة العيد مع الامام، فقال قوم يصلي أربعا، وبه قال أحمد والثوري وهو مروي عن ابن مسعود. وقال قوم: بل يقضيها على صفة صلاة الامام ركعتين يكبر فيهما نحو تكبيره، ويجهر كجهره، وبه قال الشافعي، وأبو ثور وقال قوم: بل ركعتين فقط لا يجهر فيهما ولا يكبر تكبير العيد وقال قوم: إن صلى الامام في المصلى صلى ركعتين، وإن صلى في غير المصلى صلى أربع ركعات وقال قوم: لا قضاء عليه أصلا، وهو قول مالك وأصحابه وحكى ابن المنذر عنه مثل قول الشافعي. فمن قال: أربعا شبهها بصلاة الجمعة، وهو تشبيه ضعيف، ومن قال: ركعتين، كما صلاهما الامام، فمصيرا إلى أن الأصل هو أن القضاء يجب أن يكون على صفة الأداء، ومن منع القضاء، فلانه رأى أنها صلاة من شرطها الجماعة والامام - كالجمعة - فلم يجب قضاؤها ركعتين، ولا أربعا إذ ليست هي بدلا من شئ، وهذان القولان، هما اللذان يتردد فيهما النظر: أعني قول الشافعي، وقول مالك. وأما سائر الأقاويل في ذلك فضعيف لا معنى له، لان صلاة الجمعة بدل من الظهر، وهذه ليست بدلا من شئ، فكيف يجب أن تقاس إحداهما على الأخرى في القضاء؟
وعلى الحقيقة، فليس من فاتته الجمعة، فصلاته الظهر قضاء، بل هي أداء، لأنه إذا فاته البدل، وجبت هي، والله الموفق للصواب. واختلفوا في التنفل قبل صلاة العيد وبعدها، فالجمهور على أنه لا يتنفل لا قبلها ولا بعدها، وهو مروي عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وحذيفة وجابر، وبه قال أحمد، وقيل: يتنفل قبلها وبعدها. وهو مذهب أنس وعروة، وبه قال الشافعي، وفيه قول ثالث، وهو أن يتنفل بعدها ولا يتنفل قبلها، وقال به الثوري ، والأوزاعي، وأبو حنيفة، وهو مروي أيضا عن ابن مسعود، وفرق قوم بين أن تكون الصلاة في المصلى، أو في المسجد وهو مشهور مذهب مالك. وسبب اختلافهم: أنه ثبت: أن رسول الله (ص) خرج يوم أضحى، فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما وقال عليه الصلاة والسلام: إذا جاء أحدكم المسجد، فليركع ركعتين وترددها أيضا من حيث هي مشروعة بين أن يكون حكمها في استحباب التنفل قبلها، وبعدها حكم المكتوبة أو لا يكون ذلك حكمها؟ فمن رأى أن تركه الصلاة قبلها، وبعدها هو من باب ترك الصلاة قبل السنن، وبعدها، ولم ينطلق اسم المسجد عنده على المصلى لم يستحب تنفلا قبلها، ولا