فأقيمت الصلاة، فقال مالك: إذا كان قد دخل المسجد فأقيمت الصلاة، فليدخل مع الامام في الصلاة، ولا يركعهما في المسجد والامام يصلي الفرض، وإن كان لم يدخل المسجد، فإن لم يخف أن يفوته الامام بركعة، فليركعهما خارج المسجد، وإن خاف فوات الركعة، فليدخل مع الامام، ثم يصليهما إذا طلعت الشمس. ووافق أبو حنيفة مالكا في الفرق بين أن يدخل المسجد، أو لا يدخله، وخالفه في الحد في ذلك، فقال: يركعهما خارج المسجد ما ظن أنه يدرك ركعة من الصبح مع الامام وقال الشافعي: إذا أقيمت الصلاة المكتوبة، فلا يركعهما أصلا، لا داخل المسجد ولا خارجه، وحكى ابن المنذر أن قوما جوزوا ركوعهما في المسجد، والامام يصلي، وهو شاذ. والسبب في اختلافهم: اختلافهم في مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام: إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة فمن حمل هذا على عمومه، لم يجز صلاة ركعتي الفجر إذا أقيمت الصلاة المكتوبة لا خارج المسجد، ولا داخله، ومن قصره على المسجد، فقد أجاز ذلك خارج المسجد، ما لم تفته الفريضة، أو لم يفته منها جزء، ومن ذهب مذهب العموم، فالعلة عنده في النهي، إنما هو الاشتغال بالنفل عن الفريضة، ومقصر ذلك على المسجد، فالعلة عنده إنما هو أن تكون صلاتان معا في موضع واحد لمكان الاختلاف على الامام. كما روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سمع قوم الإقامة، فقاموا يصلون فخرج عليهم رسول الله (ص)، فقال: أصلاتان معا أصلاتان معا قال: وذلك في صلاة الصبح، والركعتين اللتين قبل الصبح. وإنما اختلف مالك وأبو حنيفة في القدر الذي يراعى من فوات صلاة الفريضة من لجماعة للمشتغل بركعتي الفجر، إذا كان فضل صلاة الجماعة عندهم أفضل من ركعتي الفجر فمن رأى أنه بفوات ركعة منها يفوته فضل صلاة الجماعة قال يتشاغل بها ما لم تفته ركعة من الصلاة المفروضة، ومن رأى أنه يدرك الفضل إذا أدرك ركعة من الصلاة لقوله عليه الصلاة والسلام: من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة أي قد أدرك فضلها وحمل ذلك على عمومه في تارك ذلك قصدا، أو بغير اختيار، قال: يتشاغل بها ما ظن أنه يدرك ركعة منها. ومالك إنما يحمل هذا الحديث والله أعلم على من فاتته الصلاة دون قصد منه لفواتها، ولذلك رأى أنه إذا فاتته منها ركعة، فقد فاته فضلها. وأما من أجاز ركعتي الفجر في المسجد، والصلاة تقام، فالسبب في ذلك أحد أمرين: إما أنه لم يصح عنده هذا الأثر، أو لم يبلغه. قال أبو بكر بن المنذر: هو أثر ثابت: أعني قوله عليه الصلاة والسلام: إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة وكذلك صححه أبو عمر بن عبد البر، وإجازة ذلك تروى عن ابن مسعود. والرابعة في وقت قضائها إذا فاتت حتى صلى الصبح، فإن طائفة قالت يقضيه بعد صلاة الصبح. وبه قال عطاء وابن جريج، وقال قوم: يقضيها بعد طلوع الشمس، ومن هؤلاء من جعل لها
(١٦٥)