وليسجد سجدتين وفي رواية أخرى عنه: فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتي السهو، ويتشهد ويسلم. والثالث: حديث أبي هريرة خرجه مالك، والبخاري أن رسول الله (ص) قال: إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان، فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم، فليسجد سجدتين، وهو جالس وفي هذا المعنى أيضا حديث عبد الله بن جعفر خرجه أبو داود أن رسول الله (ص) قال: من شك في صلاته، فليسجد سجدتين بعدها ويسلم. الأحاديث مذهب الجمع، ومذهب الترجيح، والذين ذهبوا مذهب الترجيح منهم من لم يلتفت إلى المعارض ومنهم من رام تأويل المعارض، وصرفه إلى الذي رجح، ومنهم من جمع الامرين أعني جمع بعضها ورجح بعضها وأول غير المرجح إلى معنى المرجح ومن من جمع بين بعضها، وأسقط حكم البعض. فأما من ذهب مذهب الجمع في بعض، والترجيح في بعض مع تأويل غير المرجح، وصرفه إلى المرجح، فمالك بن أنس، فإنه حمل حديث أبي سعيد الخدري على الذي لم يستنكحه الشك، وحمل حديث أبي هريرة على الذي يغلب عليه الشك، ويستنكحه، وذلك من باب الجمع، وتأول حديث ابن مسعود على أن المراد بالتحري هنالك هو الرجوع إلى اليقين، فأثبت على مذهبه الأحاديث كلها. وأما من ذهب مذهب الجمع بين بعضها، وإسقاط البعض، وهو الترجيح من غير تأويل المرجح عليه، فأبو حنيفة، فإنه قال:
إن حديث أبي سعيد إنما هو حكم من لم يكن عنده ظن غالب يعمل عليه، وحديث ابن مسعود على الذي عنده ظن غالب، وأسقط حكم حديث أبي هريرة وذلك أنه قال ما في حديث أبي سعيد وابن مسعود زيادة، والزيادة يجب قبولها، والاخذ بها، وهذا أيضا كأنه ضرب من الجمع. وأما الذي رجح بعضها، وأسقط حكم البعض، فالذين قالوا: إنما عليه السجود فقط، وذلك أن هؤلاء رجحوا حديث أبي هريرة وأسقطوا حديث أبي سعيد، وابن مسعود، ولذلك كان أضعف الأقوال. فهذا ما رأينا أن نثبته في هذا القسم من قسمي كتاب الصلاة، وهو القول في الصلاة المفروضة، فلنصر بعد إلى القول في القسم الثاني من الصلاة الشرعية، وهي الصلوات التي ليست فروض عين.