هذا: هو ما يظن من التعارض بين عموم قوله عليه الصلاة والسلام: ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا وبين مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام: من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة فإنه من صار إلى عموم قوله عليه الصلاة والسلام: وما فاتكم فأتموا أوجب أن يقضي ركعتين، وإن أدرك منها أقل من ركعتين، ومن كان المحذوف عنده في قوله عليه الصلاة والسلام: فقد أدرك الصلاة أي فقد أدرك حكم الصلاة، وقال: دليل الخطاب يقتضي أن من أدرك أقل من ركعة، فلم يدرك حكم الصلاة. والمحذوف في هذا القول محتمل فإنه يمكن أن يراد به فضل الصلاة، ويمكن أن يراد به وقت الصلاة، ويمكن أن يراد به حكم الصلاة، ولعله ليس هذا المجاز في أحدهما أظهر منه في الثاني، فإن كان الامر كذلك كان من باب المجمل الذي لا يقتضي حكما، وكان الاخر بالعموم أولى، وإن سلمنا أنه أظهر في أحد هذه يرى ذلك، لم يكن هذا الظاهر معارضا للعموم، إلا من باب دليل الخطاب والعموم أقوى من دليل الخطاب عند الجميع، ولا سيما الدليل المبني على المحتمل أو الظاهر. وأما من يرى أن قوله عليه الصلاة والسلام: فقد أدرك الصلاة أنه يتضمن جميع هذه المحذوفات فضعيف، وغير معلوم من لغة العرب، إلا أن يتقرر أن هناك اصطلاحا عرفيا أو شرعيا.
وأما مسألة اتباع المأموم للامام في السجود: أعني في سجود السهو، فإن قوما اعتبروا في ذلك الركعة: أعني أن يدرك من الصلاة معه ركعة وقوم لم يعتبروا في ذلك فمن لم يعتبر ذلك فمصيرا إلى عموم قوله عليه الصلاة والسلام: إنما جعل الامام ليؤتم به. ومن اعتبر ذلك فمصيرا إلى مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام: فقد أدرك الصلاة ولذلك اختلفوا في المسألة الثالثة، فقال قوم: إن المسافر إذا أدرك من صلاة الامام الحاضر أقل من ركعة لم يتم وإذا أدرك ركعة لزمه الاتمام. فهذا حكم القضاء الذي يكون لبعض الصلاة من قبل سبق الامام له. وأما حكم القضاء لبعض الصلاة الذي يكون للامام، والمنفرد من قبل النسيان، فإنهم اتفقوا على أن ما كان منها ركنا فهو يقضى: أعني فريضة، وأنه ليس يجزي منه إلا الاتيان به، وفيه مسائل اختلفوا فيها، بعضهم أوجب فيها القضاء، وبعضهم أوجب فيها الإعادة مثل من نسي أربع سجدات من أربع ركعات: سجدة من كل ركعة، فإن قوما قالوا: يصلح الرابعة بأن يسجد لها ويبطل ما قبلها من الركعات، ثم يأتي بها، وهو قول مالك وقوم قالوا: تبطل الصلاة بأسرها، ويلزمه الإعادة، وهي إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، وقوم قالوا: يأتي بأربع سجدات متوالية وتكمل بها صلاته وبه قال أبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي، وقوم قالوا: يصلح الرابعة، ويعتد بسجدتين، وهو مذهب الشافعي. وسبب الخلاف في هذا: مراعاة الترتيب، فمن راعاه في الركعات والسجدات أبطل الصلاة، ومن راعاه في السجدات أبطل الركعات ما عدا الأخيرة قياسا