مصرا على المحاربة فهو محارب فإذ هو محارب فواجب ان يجزى جزاء المحارب فالنفي عليه باق ما لم يترك المحاربة بالتوبة فإذا تركها سقط عنه جزاؤها ان يتمادى فيه إذ قد جوزي على محاربته * قال أبو محمد رحمه الله. ثم نظرنا في حجة من قال. ينفى ابدا من بلد إلى بلد ان قال. اننا إذا سجناه في بلد أو أقررناه فيه غير مسجون فلم ننفه من الأرض كما امر الله تعالى بل عملنا به ضد النفي والابعاد وهو الاقرار والاثبات في الأرض في مكان واحد منها وهذا خلاف القرآن فوجب علينا بنص القرآن أن نستعمل إبعاده ونفيه عن جميع الأرض أبدا حسب طاقتنا وغاية ذلك ألا نقره في شئ منها ما دمنا قادرين على نفيه من ذلك الموضع ثم هكذا أبدا ولو قدرنا على أن لا ندعه يقر ساعة في شئ من الأرض لفعلنا ذلك ولكان واجبا علينا فعله ما دام مصرا على المحاربة * قال أبو محمد رحمه الله. فكان هذا القول أصح وأولى بظاهر القرآن لما ذكر المحتج له من أن السجن اثبات واقرار لا نفي، وما عرف قط أهل اللغة التي نزل بها القرآن وخاطبنا بها الله تعالى أن السجن يسمى نفيا ولا أن النفي يسمى سجنا بل هما اسمان مختلفان متغايران قال الله تعالى. (فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) الآية، وقال تعالى. (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ودخل معه السجن فتيان) فما قال أحد. لا قديم ولا حديث ان حكم الزواني كان النفي إذ أمر الله تعالى بحبسهن في البيوت ولا قال قط أحد أن يوسف عليه السلام نفي إذ حبس في السجن، فقد بطل قول من قال. بالسجن جملة.
وعلى كل حال فالواجب أن ننظر في القولين اللذين هما إما نفيه إلى مكان غير مكانه واقراره هنالك أو نفيه أبدا. فوجدنا من حجة من قال ينفى من بلد إلى بلد ويقر هنالك * [ان قالوا: أنتم لا تقولون بتكرار فعل الامر بل يجزى عندكم ايقاعه مرة واحدة، وذا كررتم النفي أبدا فقد نقضتم أصلكم * قال علي: وهذا الذي أنكروه داخل عليهم بمنعهم المنفي من الرجوع إلى منزله فهم يقرون عليه استدامة تلك العقوبة فقد وقعوا فيما أنكروا بعينه نعم والتكرار أيضا لازم لمن قال بنفيه أو سجنه سواء سواء] (1) * قال أبو محمد رحمه الله: فنقول إن المحارب الذي افترض الله تعالى علينا نفيه