قتله ان لم يراجع الاسلام، فالاشتغال عن ذلك وتأخيره باستتابة ودعاء لا يلزمان ترك الإقامة عليه وهذا لا يجوز، قالوا. ونحن لم نمنع من دعائه إلى الاسلام في خلال ذلك دون تأخير لإقامة الحق عليه ولا تضييع له وإنما كلامنا هل يجب دعاؤه واستتابته فرضا أم لا؟ فهنا اختلفنا فأوجبتموه بلا برهان ولم نوجب نحن ولا منعنا * (فان قلتم): ندعوه مرة بعد الدعاء الأول السالف لم تكونوا بأولى ممن قال. بل ادعوه مرة ثانية أيضا بعد هذه المرة، أو ممن قال. بل الثالثة بعد الثانية، أو ممن قال. بل الرابعة بعد الثالثة وهكذا أبدا فبطل بلا شك ما أوجبتم فرضا من استتابته مرة واحدة فأكثر، قال. وأما قولكم فإنه قد روي عن أبي بكر، وعمر، وصح عن عثمان، وعلي، وابن مسعود بحضرة الصحابة رضي الله عنهم فلا حجة لكم في هذا * أما الرواية عن أبي بكر فلا تصح لان الطريق في كلتي الروايتين عن ابن لهيعة وهو ساقط. وأما الحكم في أهل الردة فهو أمر مشهور نقل الكواف لا يقدر أحد على انكاره الا أنه لا حجة لكم فيه لان أهل الردة كانوا قسمين، قسما لم يؤمن قط كأصحاب مسيلمة. وسجاح فهؤلاء حربيون لم يسلموا قط لا يختلف أحد في أنهم تقبل توبتهم واسلامهم والقسم الثاني قوم أسلموا ولم يكفروا بعد اسلامهم لكن منعوا الزكاة من أن يدفعوها إلى أبي بكر رضي الله عنه فعلى هذا قوتلوا، ولا يختلف الحنيفيون. ولا الشافعيون في أن هؤلاء ليس لهم حكم المرتد أصلا وهم قد خالفوا فعل أبي بكر فيهم ولا يسميهم أهل ردة، ودليل ما قلنا شعر الحطيئة المشهور الذي يقول فيه: * أطعنا رسول الله ما كان بيننا * فيا لهفنا ما بال دين أبي بكر أيورثها بكرا إذا مات بعده * فتلك لعمر الله قاصمة الظهر وان التي طالبتم فمنعتم لكا * للنمر أو أحلى لدى من التمر فدا لبني بكر بن ذودان رحلي ونا * قتى عشية يحدي بالرماح أبو بكر فهو مقر برسول الله صلى الله عليه وسلم كما ترى فقد يمكن أن يكون الأشعث من هؤلاء وغيره وما يبعد أن يكون فيهم قوم ارتدوا جملة كمن آمر بطليحة ونحو هؤلاء الا أن هذا لا ينسند فلو صح لما كانت فيه حجة لان الخلاف في ذلك موجود بين الصحابة رضي الله عنهم ومن قال: بقتل المرتد ولا بد دون ذكر استتابة أو قبولها كما أوردنا عن معاذ. وأبي موسى وأنس. وابن عباس. ومعقل بن مقرن، ومنهم من قال: بالاستتابة أبدا وايداع السجن فقط كما قد صح عن عمر مما قد أوردنا قبل ووجوب القتال هو حكم آخر غير وجوب القتل بعد القدرة فان قتال من بغى على المسلم أو منع حقا قبله وحارب دونه فرض واجب بلا خلاف ولا حجة في قتال أبي بكر رضي الله عنه أهل
(١٩٣)