فقد بطل التعلق بإحداهما دون الأخرى ووجب ردهما إلى كتاب الله تعالى فلأي القولين شهد القرآن والسنة فهو الحق، وعلى كل حال فقد بطل كل قول شغب به الحنيفيون.
والمالكيون ولم يبق لهم حجة أصلا. أما الآية فإنها منسوخة ولو صح انها محكمة لما كان لمن اسقط بها إقامة الحدود عليهم متعلق لأنه إنما فيها التخيير في الحكم بينهم لا في الحكم عليهم جملة وإقامة الحدود حكم عليهم لا حكم بينهم فليس للحدود في هذه الآية مدخل أصلا بوجه من الوجوه فسقط التعلق بها جملة. وأما عهود من عاهدهم على الحكم بأحكامهم فليس ذلك عهد الله تعالى بل هو عهد إبليس. وعهد الباطل. وعهد الضلال ولا يعرف المسلمون عقودا ولا عهودا إلا ما أمر الله تعالى به في القرآن والسنة فهي التي أمر الله تعالى بالوفاء بها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. " كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل " وقال عليه السلام: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " وان قالوا:
قال الله تعالى: (لا إكراه في الدين) قلنا: نعم ما نكرههم على الاسلام ولا على الصلاة ولا على الزكاة ولا على الصيام ولا الحج لكن متى كان لهم حكم حكمنا فيه بحكم الاسلام لقول الله تعالى: (وان احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك) وقال تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)؟ فافترض الله تعالى على لسان رسوله عليه السلام أن لا نتبع أهواءهم فمن تركهم وأحكامهم فقد اتبع أهواءهم وخالف أمر الله تعالى في القرآن * 2184 - مسألة - حد المماليك * قال أبو محمد رحمه الله: الحدود كلها أربعة أقسام لا خامس لها، إما أماتة بصلب. أو بقتل بسيف. أو برجم بالحجارة وما جرى مجراها. وإما نفي واما قطع واما جلد، وجاء النص واجماع الأمة كلها على أن حد المملوكة الأنثى في بعض وجوه الجلد وهو الزنا مع الاحصان خاصة نصف حد الحر والحرة في ذلك واتفقوا كلهم مع النص ان حد المماليك في القتل والصلب كحد الأحرار وجاء النص أيضا في النفي الذي ليس له أمد سواه، واختلفوا فيما عدا ذلك على ما نذكره إن شاء الله تعالى، فذهبت طائفة إلى أن حد الإماء والعبيد فيما عدا ما ذكرنا ولا نحاش شيئا كحد الأحرار سواء سواء، وهو قول أصحابنا، وقالت طائفة: حد العبيد والإماء في الجلد كله على النصف من حد الأحرار والحرائر وحد العبيد والإماء في القطع كحد الأحرار والحرائر، فاختلف هؤلاء فطائفة تقول به في الأحرار ولا تقول به في العبيد والنساء والإماء والحرائر فالذين يقولون بالنفي المؤقت جملة اختلفوا فطائفة جعلت حد الإماء والعبيد فيه نصف حد الحر والحرة وهو قول الشافعي. وأصحابه