عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهة فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم كان لما استبان أترك ومن اجترأ على ما يشك فيه من الاثم أو شك ان يواقع ما استبان والمعاصي حمى الله من يرتع حول الحمى يوشك ان يواقعه، فان هذا صحيح وبه نقول وهو عليهم لا لهم لأنه ليس فيه الا ترك المرء ما اشتبه عليه فلم يدر ما حكمه عند الله تعالى في الذي له تعبدنا به، وهذا فرض لا يحل لاحد مخالفته، وهكذا نقول إن من جهل احرام هذا الشئ أم حلال؟ فالورع له ان يمسك عنه ومن جهل أفرض هو أم غير فرض؟ فحكمه ان لا يوجبه ومن جهل أوجب الحد أم لم يجب؟ ففرضه ان لا يقيمه لان الاعراض والدماء حرام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان دماءكم وأموالكم واعراضكم وأبشاركم عليكم حرام "، واما إذا تبين وجوب الحد فلا يحل لاحد ان يسقطه لأنه فرض من فرائض الله تعالى * قال أبو محمد رحمه الله: ما نعلم أحدا أشد جسرا على إقامة الحد بالشبهات وحيث لا تجب اقامتها منهم ثم يسقطونها حيث أوجبها الله تعالى ورسوله عليه السلام ونحن ذاكرون من ذلك طرفا كافيا إن شاء الله تعالى، فأول ذلك النفس التي عظم الله تعالى أمرها وحرم قتلها الا بالحق، فأما المالكيون فقتلوا النفس المحرمة بدعوى من لعله يريد ان يشفي نفسه من عدوه مع ايمان رجلين من عشيرته وان كانا أفسق البرية وهم لا يعطونه بدعواه نواة معفونة ولو حلفوا مع دعواه الف يمين وكانوا أصلح البرية، وهذا سفك الدم المحرم بالشبهة الفاسدة التي لا شبهة أبرد منها ويقتلون بشهادة اللوث غير العدل والقسامة ولا يعطون بشهادتهم فلسين ويقتلون الآبي عن الصلاة ان أقر بها وانها فرض، ويقتلون الممسك آخر حتى قتل. ولا يحدون الممسك امرأة حتى يزني بها، ويقتلون الساحر دون استتابة وإنما هي حيل وكبيرة كالزنا، ولا يقتلون آكل الربا، وقول الله تعالى فيه أشد من قوله في الساحر. ويقتلون المستتر بالكفر ولا يدرءون عنه باعلانه التوبة ولا يقتلون المعلن بالكفر إذا أظهر التوبة ولا فرق، ويقتلون المسلم بالكافر إذا قتله غيلة ولا يجيزون في ذلك عفو الولي وهذا خلاف القرآن والسنة وإقامة الحدود بالشبهة الفاسدة. ويجلدون الفاتل المعفو عنه مائة جلدة وينفونه سنة، (وأما الحنيفيون) فيقتلون المسلم بالكافر خلافا على الله تعالى.
وعلى رسوله عليه السلام ومحافظة لأهل الكفر، ولا يقتلون الكافر إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم بحضرة أهل الاسلام في أسواقهم ومساجدهم ولا يقتلون من أهل الكفر من سب الله تعالى جهارا بحضرة المسلمين، وهذه أمور نعوذ بالله منها، ويقتلون الذمي الذي قد حرم دمه إلا بالحق بشهادة كافرين. وأما الزنا فان المالكيين يحدون بالحبل ولعله من