وأصحابهما: لا يقر على ذلك، ثم اختلف قول الشافعي: فمرة قال: ان رجع إلى الكفر الذي تذمم عليه ترك والا قتل إلا أن يسلم، ومرة قال: لا يقبل منه الرجوع إلى الدين الذي خرج عنه لا بد له من الاسلام أو السيف. وبهذا يقول أصحابنا: * قال أبو محمد رحمه الله: فنظرنا في قول من قال: انه يستتاب مرة فان تاب والا قتل فوجدناهم يقولون: قال الله تعالى: (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال تعالى: (وافعلوا الخير)، وقال تعالى:
(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير) الآية فكانت الاستتابة فعل خير ودعاء إلى سبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة ودعاء إلى الخير وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، فكان ذلك واجبا، وكان فاعله مصلحا. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي: لان يهدى الله بهداك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم، قالوا:
فهذا لا ينبغي أن يزهد فيه، قالوا: وقد فعله علي. وعثمان. وابن مسعود، وروي عن أبي بكر، وعمر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم * قال أبو محمد رحمه الله: لا نعلم لهم حجة غير هذا أصلا فعارضهم من قال:
لا أستتيبه بأن قالوا: بأن الدعاء إلى سبيل الله تعالى لا يخلو من أن يجب مرة أو عددا محدودا أو أكثر من مرة أو أبدا ما امتد العمر بلا نهاية ولا سبيل إلى قسم رابع قال.
فان قلتم انه يجب أبدا ما امتد العمر بلا نهاية تركتم قولكم وصرتم إلى قول من رأى أن يستتاب المرتد أبدا ولا يقتل وهذا ليس هو قولكم ولو كان لكنا قد أبطلناه آنفا، ولو كان هذا أيضا لبطل الجهاد جملة لان الدعاء كان يلزم أبدا مكررا بلا نهاية وهذا قول لا يقوله مسلم أصلا وليس دعاء المرتد - وهو أحد الكفار - بأوجب من دعاء غيره من أهل الكفر الحربيين فسقط هذا القول وبالله تعالى التوفيق * (وان قلتم) إنه يجب عددا محدودا أكثر من مرة كنتم قائلين بلا دليل وهذا باطل لقول الله تعالى. (قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين) وليس قول من قال. يستتاب مرتين بأولى ممن قال. ثلاثة ولا ممن قال أربعا أو خمسا أو أكثر من ذلك، وكل هذه الأقوال بلا برهان فسقط هذا القول بلا شك فلم يبق الا قول من قال. يدعى مرة فيقال له: إن من أسلم ثم ارتد قد تقدم دعاؤه إلى الاسلام حين أسلم بلا شك إن كان دخيلا في الاسلام أو حين بلغ وعلم شرائع الدين هذا ما لا شك فيه وقد قلنا إن التكرار لا يلزم فالواجب إقامة الحد عليه إذ قد اتفقنا نحن وأنتم على وجوب