المنافقين وهو كان الأظهر لولا قوله تعالى. (فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله) فهذا يوضح غاية الايضاح أنه ابتداء حكم في قوم آخرين غير أولئك المنافقين لان أولئك كانوا من سكان المدينة بلا شك وليس على سكان المدينة هجرة بل الهجرة كانت إلى دارهم، فإذا كان ذلك كذلك فحكم الآية كلها انها في قوم كفار لم يؤمنوا بعد وادعوا أنهم آمنوا ولم يهاجروا، وكان الحكم حينئذ ان من آمن ولم يهاجر لم ينتفع بايمانه وكان كافرا كسائر الكفار ولا فرق حتى يهاجر الا من أبيح له سكنى بلده كمن بأرض الحبشة والبحرين وسائر من أبيح له سكنى أرضه الا المستضعفين قال الله تعالى. (والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) وقد قال تعالى. (المؤمنون بعضهم أولياء بعض) فقد قطع الله تعالى الولاية بيننا وبينهم فليسوا مؤمنين وقال تعالى. (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم) إلى قوله (الا المستضعفين) الآية فان قال قائل. معنى حتى يهاجروا في سبيل الله أي حتى يجاهدوا معكم بخلاف فعلهم حين انصرفوا عن أحد وأرادوا أن يجعلوا الآية كلها في المنافقين المنصرفين عن أحد قيل له وبالله تعالى التوفيق، هذا ممكن ولكن قد قال تعالى. (فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم) فأخبرونا هل فعل ذلك النبي عليه السلام فقتل الراجعين عن أحد حيث وجدهم؟ وهل اخذهم أم لا؟ * (فان قالوا): قد فعل ذلك كذبوا كذبا لا يخفى على أحد وما عند مسلم شك في أنه عليه السلام لم يقتل منهم أحدا ولا نبذ العهد إلى أحد منهم (وان قالوا). لم يفعل ذلك عليه السلام ولا المؤمنون (قيل لهم). صدقتم ولا يحل لمسلم ان يظن أن النبي عليه السلام خالف امر ربه فأمره تعالى ان تولوا بقتلهم حيث وجدهم وبأخذهم فلم يفعل وهذا كفر ممن ظنه بلا شك (فان قالوا). لم يتولوا بل تابوا ورجعوا وجاهدوا قيل لهم فقد سقط حكم النفاق عنهم بلا شك وحصل لهم حكم الاسلام بظاهر الآية بلا شك فقد بطل تعلقهم بهذه الآية جملة في أنه عليه السلام كان يعرف المنافقين ولكن في قوله تعالى. (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم) إلى قوله تعالى.
(فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) بيان جلي بان هؤلاء لم يكونوا قط من الأوس ولا من الخزرج لأنهم لم يكن لهم قوم محاربون للنبي عليه السلام ولا نسبوا قط إلى قوم معاهدين النبي عليه السلام بميثاق معقود هذا مع قوله تعالى. (فان اعتزلوكم فلم يقاتلوكم) إلى قوله تعالى. (سبيلا) فان هذا بيان جلي على أنهم من غير الأنصار ومن غير المنافقين لكن من الكفار المجاهرين بالكفر الا ان يقول قائل. ان قوله تعالى. (الا الذين