أخيه أو ذي رحم من أهل البغي عمدا لكن إن ضربه ليصير بذلك غير ممتنع من أخذ الحق منه فلا حرج عليه في ذلك * قال أبو محمد رحمه الله: ولسنا نقول بهذا فان بر الوالدين وصلة الرحم إنما أمر الله تعالى بهما ما لم يكن في ذلك معصية لله تعالى وإلا فلا وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا طاعة لاحد في معصية الله تعالى " وقد أمر الله تعالى بقتال الفئة الباغية ولم يخص بذلك ابنا من أجنبي وأمر باقلمة الحدود كذلك قال الله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) الآية. (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين) إلى قوله تعالى (ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) وقال تعالى:
(لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) الآية، وقتال أهل البغي قتال في الدين إلا أننا لا نختار أن يعمد المرء إلى أبيه خاصة أو جده ما دام يجد غيرهما فإن لم يفعل فلا حرج، وهكذا القول في إقامة الحد عليهما وعلى الام والجدة في القتل والقطع والقصاص والجلد ولافرق: فأما إذا رأى العادل أباه الباغي أو جده يقصد إلى مسلم يريد قتله أو ظلمه ففرض على الابن حينئذ أن لا يشتغل بغيره عنه وفرض عليه دفعه عن المسلم بأي وجه أمكنه وإن كان في ذلك قتل الأب والجد والام، برهان ذلك ما رويناه من طريق البخاري نا سعيد بن الربيع نا شعبة عن الأشعث ابن سليم قال: سمعت معاوية بن سويد بن مقرن يقول: سمعت البراء بن عازب قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع فذكر عيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ورد السلام ونصر المظلوم وإجابة الداعي وابرار المقسم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " انصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال تمنعه تأخذ فوق يده " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه " فهذا أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا يسلم المرء أخاه المسلم لظلم ظالم وان يأخذ فوق يد كل ظالم وان ينصر كل مظلوم فإذا رأى المسلم أباه الباغي أو ذا رحمه كذلك يريد ظلم مسلم أو ذمي ففرض عليه منعه من ذلك بكل مالا يقدر على منعه الا به من قتال أو قتل فما دون ذلك على عموم هذه الأحاديث، وإنما افترض الله تعالى الاحسان إلى الأبوين وان لا ينهرا وأن يخفض لهما جناح الذل من الرحمة فيما ليس فيه معصية الله تعالى فقط، وهكذا نقول إنه لا يحل لمسلم له أب كافر أو أم كافرة ان يهديهما إلى طريق الكنيسة ولا ان يحملهما إليها، ولا أن يأخذ لهما قربانا ولا ان يسعى لهما في خمر لشريعتهما الفاسدة، ولا ان يعينهما على شئ من معاصي الله تعالى من زنا، أو سرقة، أو غير ذلك وان لا يدعه يفعل شيئا من ذلك وهو قادر على منعه قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا