قال أبو محمد رحمه الله: ففي هذا الحديث نص جلي بما قلنا وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هؤلاء القوم فذمهم أشد الذم وانهم من شر الخلق وانهم يخرجون في فرقة من الناس فصح ان أولئك أيضا. مفترقون وان الطائفة المذمومة تقتلها أدنى الطائفتين المفترقتين إلى الحق فجعل عليه السلام في الافتراق تفاضلا وجعل احدى الطائفتين المفترقتين لها دنو من الحق وان كانت الأخرى أولى به ولم يجعل للثالثة شيئا من الدنو إلى الحق، فصح ان التأويل يختلف فأي طائفة تأولت في بغيتها طمسا لشئ ء من السنة كمن قام برأي الخوارج ليخرج الامر عن قريش أو ليرد الناس إلى القول بابطال الرجم أو تكفير أهل الذنوب أو استقراض المسلمين أو قتل الأطفال والنساء واظهار القول بابطال القدر أو ابطال الرؤية أو إلى أن الله تعالى لا يعلم شيئا الا حتى يكون أو إلى البراءة عن بعض الصحابة أو ابطال الشفاعة أو إلى ابطال العمل بالسنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الرد إلى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى المنع من الزكاة أو من أداء حق من مسلم أو حق لله تعالى فهؤلاء لا يعذرون بالتأويل الفاسد لأنها جهالة تامة، وأما من دعا إلى تأويل لا يحل به سنة لكن مثل تأويل معاوية في أن يقتص من قتلة عثمان قبل البيعة لعلي فهذا يعذر لأنه ليس فيه إحالة شئ من الدين وإنما هو خطأ خاص في قصة بعينها لا تتعدى، ومن قام لعرض دنيا فقط كما فعل يزيد بن معاوية. ومروان بن الحكم. وعبد الملك بن مروان في القيام على ابن الزبير، وكما فعل مروان بن محمد في القيام على يزيد بن الوليد وكمن قام أيضا عن مروان، فهؤلاء لا يعذرون لأنهم لا تأويل لهم أصلا وهو بغي مجرد * وأما من دعا إلى أمر بمعروف أو نهي عن منكر واظهار القرآن والسنن والحكم بالعدل فليس باغيا بل الباغي من خالفه وبالله تعالى التوفيق، وهكذا إذا أريد بظلم فمنع من نفسه سواء اراده الامام أو غيره وهذا مكان اختلف الناس فيه فقالت طائفة: ان السلطان في هذا بخلاف غيره ولا يحارب السلطان وان أراد ظلما كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني ان رجالا سألوا ابن سيرين فقالوا أتينا الحرورية زمان كذا وكذا لا يسألون عن شئ غير أنهم يقتلون من لقوا فقال ابن سيرين: ما علمت أن أحدا كان يتحرج من قتل هؤلاء تأثما ولا من قتل من أراد قتالك الا السلطان فان للسلطان نحوا وخالفهم آخرون فقالوا: السلطان وغيره سواء كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال. أرسل معاوية بن أبي سفيان إلى عامل له أن يأخذ
(٩٨)