قلت: الصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور: أن من لبس ثوبا مطيبا وطلى رأسه بطيب ستره بكفيه، فعليه فدية واحدة، لاتحاد الفعل وتبعية الطيب.
والله أعلم.
وإن اتحد النوع، بأن حلق فقط، فقد سبق، أن حلق ثلاث شعرات، فيه فدية كاملة. ولو حلق جميع الرأس دفعة في مكان واحد، ففديه فقط. ولو حلق شعر رأسه وبدنه متواصلا، ففدية على الصحيح. وقال الأنماطي: فديتان. ولو حلق رأسه في مكانين أو مكان، في زمانين متفرقين، فالمذهب: التعدد. وقيل:
هو كما لو اتحد نوع الاستمتاع، واختلف المكان أو الزمان، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
ولو حلق ثلاث شعرات في ثلاثة أمكنة، أو ثلاثة أزمنة متفرقة، فإن قلنا: كل شعرة تقابل بثلث دم، فلا فرق بين حلقها دفعة أو دفعات. وإن قلنا: الشعرة بمد أو درهم، والشعرتان بمدين أو درهمين، بني على الخلاف الذي ذكرناه الآن. فإن لم نعدد الفدية فيما إذا حلق الرأس في دفعات، ولم نجعل لتفرق الزمان أثرا، فالواجب دم. وإن عددنا وجعلنا التفريق مؤثرا، قطعنا حكم كل شعرة عن الأخريين، وأوجبنا ثلاثة أمداد في قول، وثلاثة دراهم في قول.
الحال الثالث: أن يكون استمتاعا. فإن اتحد النوع، بأن تطيب بأنواع من الطيب، أو ليس أنواعا، كالعمامة، والقميص، والسراويل، والخف، أو نوعا واحدا مرة بعد أخرى، نظر، إن فعل ذلك في مكان على التوالي، لم تتعدد الفدية، ولا يقدح في التوالي طول الزمان في مضاعفة القمص وتكوير العمامة. وإن فعل ذلك في مكانين، أو مكان، وتخلل زمان، نظر، إن لم يتخلل التكفير، فقولان. الجديد: يجب للثاني فدية أخرى. والقديم: يتداخل. فإن قلنا بالجديد فجمعهما سبب واحد، بأن تطيب، أو لبس مرارا لمرض واحد، فوجهان. أصحهما: التعدد. وإن تحلل، وجبت فدية أخرى بلا خلاف. فإن كان نوى بما أخرجه الماضي والمستقبل جميعا، بني على جواز تقديم الكفارة على الحنث المحظور. إن قلنا: لا يجوز، فلا أثر لهذه النية. وإن جوزناه، فوجهان.
أحدهما: أن الفدية كالكفارة في جواز التقديم، فلا يلزمه للثاني شئ. والثاني: