أن يقتدي به في صلاته هذه، ومثاله الآخر إذا فرض أن رأي الإمام كفاية التسبيحات الأربع مرة واحدة في الركعتين الأخيرتين ورأي المأموم وجوب قرائتها ثلاث مرات فيهما، فيجوز للمأموم الاقتداء به، وإن كان الاختلاف بينهما في نقطة لا يعذر فيها الجاهل ولا تصح صلاته واقعا، فلا يسوغ للمأموم أن يقتدي به إذا علم أنه غير معذور في رأيه اجتهادا كان أم تقليدا، بل ولو احتمل ذلك ما دام متأكدا من اختلافه معه في الرأي، مثال ذلك إذا فرض أن الإمام يرى اجتهادا أو تقليدا أن وظيفة الجريح أو الكسير إذا كان الجرح أو الكسر مجبورا بجبيرة نجسة أو معصبا بعصابة كذلك وضع خرقة طاهرة على الجبيرة أو العصابة النجسة والمسح عليها، والمأموم يرى أن وظيفته في هذه الحالة التيمم دون وضوء الجبيرة، ففي هذه الحالة إذا صلى الإمام مع وضوء الجبيرة فلا يجوز للمأموم أن يقتدي به، لأن صلاته بنظره بلا طهور وهي باطلة واقعا. ومثاله الآخر إذا فرض أن رأي الإمام جواز الوضوء بماء الورد ورأي المأموم عدم جواز ذلك، فيكون الاختلاف بينهما في نقطة لا يعذر فيها الجاهل وهي الوضوء، وعلى هذا فلا يجوز للمأموم أن يقتدي به ما لم يثق بأنه لم يتوضأ بماء الورد. هذا إذا كان الاختلاف بينهما في الشبهات الحكمية، وأما إذا كان الاختلاف بينهما في الشبهات الموضوعية فأيضا تارة يكون في نقطة يعذر فيها الجاهل وأخرى يكون في نقطة لا يعذر فيها الجاهل، مثال الأول هو ما إذا فرض أن الإمام كان يعتقد بطهارة ثوب - مثلا - والمأموم يرى نجاسته، فإذا صلى الإمام فيه جاز للمأموم أن يقتدي به، ومثال الثاني هو ما إذا فرض أن الإمام كان يعتقد طهارة الماء والمأموم يرى أنه نجس، فإذا توضأ الإمام به وصلى لم يجز للمأموم أن يقتدي به، وبكلمة موجزة أن الاختلاف بين الإمام والمأموم إذا كان في الأركان فلا يسوغ للمأموم الاقتداء به، وإن كان في غيرها جاز الاقتداء.
(٣٢٤)