وللمجتمع، فيدل على جوازه إطلاق أدلة الحكومة وربما يستأنس له أيضا ببعض الأخبار الواردة في موارد خاصة.
ومن أن أحكام الشرع توقيفية، فلا يجوز التعدي عما ورد في باب الحدود و التعزيرات. والمسألة من المسائل المهمة التي كثر الابتلاء بها في عصرنا.
قال ابن الأخوة في الباب الخمسين من معالم القربة:
" فصل: وأما التعزير بالأموال فجائز عند مالك، وهو قول قديم عند الشافعي بدليل أنه أوجب على من وطئ زوجته الحائض في إقبال الدم دينارا، وفي إدباره نصف دينار، رواه ابن عباس.
وفي من غل الزكاة تؤخذ منه ويؤخذ شطر ماله عقوبة له، واستدل بحديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " وفي كل أربعين من الإبل السائمة بنت لبون، من أعطاها مرتجزا فله أجرها، ومن منعها فأنا آخذها، وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، ليس لآل محمد فيها شيء. " وقد روي أن سعيد بن المسيب (سعد بن أبي وقاص خ. ل) أخذ سلب رجل قتل صيدا بالمدينة وقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
" من رأى رجلا يصطاد بالمدينة فله سلبه. " والمراد ههنا بالسلب الثياب فحسب. وهذا ما أورده الإمام. وقد روي أنهم كلموا سعدا في هذا السلب فقال: ما كنت أرد طعمة أطعمنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وروى أن عمر أراق لبنا مغشوشا.
وعن على (عليه السلام): أنه أحرق طعاما محتكرا بالنار.
قال الغزالي: للوالي أن يفعل ذلك إذا رأى المصلحة فيه. وأقول: وله أن يكسر الظروف التي فيها الخمور زجرا، وقد فعل ذلك في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تأكيدا للزجر و لم يثبت نسخه، ولكن كانت الحاجة إلى الزجر والفطام شديدة، وإذا رأى الوالي باجتهاده مثل تلك الحاجة جاز مثل ذلك، فإن كان هذا منوطا بنوع اجتهاد دقيق لم يكن ذلك لآحاد الرعية. " انتهى ما أردنا نقله من معالم القربة. (1)