واليه الإشارة في قوله تعالى انا عند ظن عبدي بي فيقبل كل أحد منه ما يليق بحاله ويناسبه من التجليات الإلهية وينكر ما لا يعطيه نشاته والسالك الواصل الفاني يشاهد الحق مجردا عن نسبه الخلق اليه فيحجبه ضيق فنائه وقصور ذاته عن الخلق لضيق الفاني عن كل شئ فكما كان قبل الفناء محجوبا بالخلق عن الحق لضيق وعائه الوجودي فكذلك في ثاني الحال لأجل فنائه عن كل شئ ذاهل عن مراتب الإلهية وتجلياته الذاتية والاسمائيه واما الكامل العارف للحق في جميع المظاهر والمجالى الراجع إلى التفصيل مستمدا من الاجمال فيشاهد الحق على وجه أسمائه وصفاته فيرى الخلق بالحق فيسير في ارض الحقائق التي أشرقت بنور ربها فيكون علمه في هذا المقام بالأشياء من جهة العلم بمبدء الأشياء ومظهر وجوداتها ومظهر أعيانها الثابتة وماهياتها فيصدق حينئذ انه يرى الأشياء كما هي في مرآه وجهه الكريم الذي له غيب السماوات والأرض (1) فثبت انه كما أن الأشياء بوجه مرائي ذات الحق ووجوده فكذلك الحق مرآه حقائق الأشياء لكن مرآتيه كل واحد من المرآتين بوجه غير الأخرى.
وبيان ذلك ان كل واحده من المرائي التي هي غير ذات الحق كمرائى ماهيات الممكنات لظهور حقيقة الوجود ومرائى القوى الخيالية الكلية التي هي مظاهر عالم المثال والقوة الخيالية الجزئية التي هي مظهر الصور الخيالية والجليديه والماء والبلور والحديد التي كل منها مظهر للصور المبصره والحاسه السمعيه والذوقيه والشميه واللمسيه التي هي مظاهر للمحسوسات الأربعة انما يكون مرآتيتها لأجل خلو ذاتها من حيث هي عما هي مظاهر له من الصور والكيفيات التي هي مظاهر ومرائى لشهودها لكن لما لم يكن حيثية مرآتيتها هي بعينها حيثية ذاتها ووجودها لتقيد لوجودها