ذات كل منها بقيد وجودي لم تكن صادقه من كل الوجوه وان لم تكن كاذبه أيضا من كل الوجوه فأنت إذا نظرت إلى خصوص ذات المرآه وكونها من حديد أو زجاج مثلا حجبك ذلك عن ملاحظه تلك الصورة التي فيها ولا يكون هي عند ذلك مظهرا لها لتقيدها وحصرها وإذا قطعت النظر عن الحديد أو الزجاج ولم تنظر اليه نظرا استقلاليا بل نظرا ارتباطيا تعلقيا فعند ذلك تنظر إلى الصورة المقابلة وتلك الخصوصية حكمها باق وان لم يكن ملتفتا إليها فلأجل ذلك لم يكن المشهود بعينه وجود ذلك المرئى في نفسه فيصير خصوصيه المرآه حجابا عن وجوده الحقيقي على حسب تلك الخصوصية ولهذا اختلف المرائي (1) صغرا وكبرا واستقامه واعوجاجا وظهورا وخفاء ا لأجل اختلاف خصوصيات المرآه تحديبا وتقعيرا وصقاله وكدوره وان لم تكن ملحوظه وكذا حكم باقي المرائي الامكانية.
واما الحق (2) سبحانه فلكون ذاته ذاتا فياضه يفيض عنه صور الأشياء ومعقوليتها يكون ذاته مظهرا يظهر به الأشياء على الوجه الذي هي عليه وبيان ذلك ان ذاته بذاته من غير حيثية أخرى مبدء للأشياء فكذلك شهود ذاته مبدء شهود الأشياء لان العلم التام بالعلة التامة يوجب علم التام بالمعلول وكما أن شهود ذاته ليس ولا يمكن الا بنفس ذاته