ولا يقدر ان ينكر انه رأى صورته ويعلم انه ليس في المرآه صورته ولا هي بينه وبين المرآه فليس بصادق ولا كاذب في قوله رأى صورته وما رأى صورته فما تلك الصورة المرئيه وأين محلها وما شانها فهي (1) منتفيه ثابته موجوده معدومه معلومه مجهوله اظهر سبحانه هذه الحقيقة لعبده ضرب المثال ليعلم ويتحقق انه إذا عجز وحار في درك حقيقة هذا وهو من العالم ولم يحصل علما بحقيقته فهو بخالقها اذن اعجز واجهل وأشد حيره.
أقول ونبه بذلك على أن تجليات الحق أدق والطف من حقيقة هذا الذي حارت العقول فيه وعجزت في ادراكه إلى أن يبلغ عجزها ان يقال هل لهذا المدرك حقيقة أم لا فان العقول لا يلحقه بالعدم الصرف وقد علمت أنه ليس بلا شئ ولا بالوجود المحض وقد علمت أنه ليس بشئ مباين للمقابل ولا بالامكان البحت فالحكمه في خلق المرآه والحقيقة الظاهرة فيها هدايه العبد إلى كيفية سريان نور الحق في الأشياء وتجليه على مرائي الماهيات وظهوره في كل شئ بحسبه فان وجود كل ماهية امكانية ليس هو نفس ماهيتها بحسب المعنى والحقيقة ولا عين الذات الواجبية لقصوره ونقصه وامكانه ولا مفصولا عنها بالكلية لعدم استقلاله في التحقق كما مضى برهانه.
ثم إنه كما ثبت ان تجليه تعالى على الأشياء تجل واحد وافاضه واحده انما حصل تعدده واختلافه بحسب تعدد الماهيات واختلافها تحقق وتبين انه لا تكرار (2)