في الحقيقة فان الفاعل هو ما يفيد الوجود والغاية هي ما يفاد لأجله الوجود سواء ا كان عين ذات الفاعل أو أعلى منها ا ليس لو فرضنا الغاية امرا قائما بذاته وكان ذلك الامر مصدر فعل ذاتي لكان فاعلا وغاية فقد علم أن مراد الحكماء من الغاية التي نفوها عن فعله تعالى هي ما يكون غير نفس ذاته من كرامه أو محمده أو ثناء أو ايصال نفع إلى الغير أو غير ذلك من الأشياء التي تترتب على فعله من دون الالتفات إليها من جانب القدس واما الغاية بمعنى كون علمه (1) بنظام الخير الذي هو عين ذاته داعيا له إلى افاده الخير بوجه الذي ذكرناه أولا فهو مما ساق اليه الفحص والبرهان وشهدت به عقول الفحول واذهان الأكابر والأعيان وقد نص عليه الشيخ الرئيس في التعليقات بقوله ولو أن انسانا عرف الكمال الذي هو واجب الوجود بالذات ثم كان ينظم الأمور التي بعده على مثاله حتى كانت الأمور على غاية النظام لكان غرضه بالحقيقة واجب الوجود بذاته الذي هو الكمال فإن كان واجب الوجود بذاته هو الفاعل فهو أيضا الغاية والغرض انتهى ثم نقول كما أن المبدء الأول غاية الأشياء بالمعنى المذكور فهو غاية بمعنى ان جميع الأشياء طالبه لكمالاتها ومتشبهه به في تحصيل ذلك الكمال بحسب ما يتصور في حقها فلكل منها عشق وشوق اليه اراديا كان أو طبيعيا والحكماء المتالهون حكموا بسريان نور العشق والشوق في جميع الموجودات على تفاوت طبقاتهم فالكائنات بأسرها
(٢٧٣)