غاية بهذا المعنى أيضا وبهذا ظهر سر قولهم لولا عشق العالي لانطمس السافل ثم لا يخفى عليك ان فاعل التسكين كالطبيعة الأرضية كفاعل التحريك كطبائع الأفلاك في أن مطلوبه أيضا ليس ما تحته في الوجود كالاين مثلا بل غايته ومطلوبه كونه على أفضل ما يمكن في حقه ويلائم له كما أشار اليه المعلم الثاني أبو نصر في الفصوص بقوله صلت السماء بدورانها والأرض برججانها كيف ولا شئ الا ونجد فيه شوقا إلى محبوب وتحننا إلى مرغوب طبعا واراده قال بعض العرفاء لعمري ان السماء بسرعه دورانها وشده وجدها والأرض بفرط سكونها لسيان في هذا الشان ولعمر الهك لقد اتصل بالسماء والأرض من لذيذ ما نالتا من تجلى جمال الأول ما طربت به السماء طربا ورقصا فهي بعد وفي ذلك الرقص والنشاط وغشى به على الأرض لقوه الوارد فألقيت مطروحه على البساط وسريان لذه التجلي عبدهما ومشاهده لطف الأزل هي التي سلبت افئدتهما كما قيل في الشعر فذلك من عميم اللطف شكر * وهذا من رحيق الشوق سكر.
فان قلت الغاية وان كانت بحسب الشيئيه متقدمه على الفعل لكن يجب أن تكون بحسب الوجود متاخره عن الفعل مترتبه عليه فلو كان الواجب تعالى فاعلا وغاية لزم ان يكون متقدما على الوجود الممكنات بالذات متأخرا عنها كذلك فيكون شئ واحد أول الأوائل وآخر الأواخر.
قلت قد مر ان تأخر الغاية عن الفعل وجودا وترتبها عليه انما يكون إذا كانت من الكائنات واما إذا كانت مما هو ارفع من الكون فلا يلزم بل الغاية في المعلولات الابداعيه تتقدم عليها علما ووجودا باعتبارين وفي الكائنات تتأخر عنها وجودا وان تقدمت عليها علما ولك (1) ان تقول ان الواجب تعالى أول الأوائل