إذ إن حصول بعض الكرامات لها وهي ما زالت جنينا في بطن أمها، وكذلك كونها نورا، وكونها حوراء إنسية، وكونها لا تبتلى بالطمث، وكونها قد ولدت من ثمرة الجنة، ونزول الملك ليحدثها، وكذلك مريم، التي كانت (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) (1)، وغير ذلك أمور غيبية وميزات وكرامات لا تتلاءم مع القول بأنها: لم تخرج عن مستوى المرأة العادي.
2 - وأما ما ذكره من أنه قد ذكر في الفقرة الأولى أن الله أعطى مريم لطفا منه بحيث يرتفع بها إلى الدرجات العليا.. وهذا هو معنى العصمة.. وإن السائل قد حذف ذلك، واقتطع من النص ما يناسب سؤاله..
أما هذا الذي ذكره.. فلا يصلح الاعتماد عليه، لأن الفقرة التي تحدثت عن مريم ليس فيها: أن الله أعطاها لطفا منه يرتفع بها إلى الدرجات العليا.. بل فيها ما يظهر منه النفي لهذا الأمر؛ لأنها قد ذكرت: أن الله وجهها بواسطة الملك (الروح) الذي أرسله إليها، - وجهها - كيف تتصرف وثبتها حين واجهت المشكلة فيما يرتبط بولادتها عيسى عليه السلام، أي أن الملك قد ثبتها وعلمها كيف تمارس الموقف بصورة طبيعية لتخرج من المأزق الذي وجدت نفسها فيه..
فأراد لها أن تتصرف بصورة طبيعية من خلال عناصرها الشخصية الإنسانية التي كانت تعاني من نقاط الضعف الإنساني في داخلها.
3 - إذن قد أصبح واضحا أن وجود ملك يرشد مريم (ع)، ويثبتها في أزمتها لا ربط له بعصمتها وإن كانت العصمة لطفا - على بعض الأقوال -، كما لا يعني أن غيرها من النساء اللواتي ذكرهن قد كان لهن ملك يرشدهن ويثبتهن.
4 - إن هذا الاعتذار لو صح، فإن على هذا البعض أن يلتزم بوجود ملك يرشد ويثبت زينب ابنة علي (ع) وكذلك سائر النساء اللواتي ذكرهن في حديثه في الكلام المذكور آنفا.
5 - وأخيرا فان تربية النبي (ص) للزهراء (ع)، وزكريا لمريم عليهما السلام، لا يصح الاعتماد عليه في إعطاء الضابطة التي نشأ عنها استبعاد