البر لا العود إلى الواقف ولا الانتقال إلى ورثة الموقوف عليه. أما صحته وقفا لا حبسا فلأن المفروض أن الواقف انشاء الوقف وأنه أخرج المال عن ملكه بانشائه وليس في إنشائه تقييد بعدم الانقراض، ولعله لا يدري الانقراض ولا يصح صيرورة الانقراض المتأخر منشأ لانقلاب المنشأ بانشاء الواقف عما هو عليه من الوقف وصيرورته حبسا وهذا ظاهر بعد فرض تغاير مهية الوقف والحبس كما لا يخفى، إذ الوقف والحبس متغايران من حيث المهية. فإن الأول عبارة عن تمليك العين على الوجه المخصوص والثاني عبارة عن تمليك المنفعة كك، فالفرق بينهما كالفرق بين البيع و الإجارة.
وأما وجوب صرفه في وجوه البر. فلبطلان عوده إلى المالك وانتقاله إلى ورثة الموقوف عليه، أما بطلان العود إلى المالك، فلعدم الموجب في عوده بعد فرض صحة الوقف وخروج المال عن ملكه وصيرورة المالك أجنبيا عنه فالواقف والأجنبي بالنسبة إليه بعد خروجه عن ملكه متساويان فالقول بعوده إليه مساوق مع الالتزام بانتقاله إلى الأجنبي وهو كما ترى، وأما بطلان الانتقال إلى ورثة الموقوف عليه إرثا فلأن ورثتهم إنما يرثون تركتهم والمراد بتركتهم هي الأموال الثابتة لهم مرسلة عن التقيد بزمان وجودهم بل على نحو الاطلاق، وحيث إن المال كان لهم على نحو الاطلاق من غير تقيد بحياتهم فإذا ارتفع طرفيتهم عن الإضافة إلى المال يقوم وارثهم مقامهم في الطرفية للإضافة إلى المال فتتعلق الإضافة بهم بعين تعلقها بالمورث من غير تغيير ومن المعلوم أن ملك الطبقة الأخيرة لا يكون مرسلا بل هو مقيد بحياتهم فليس لهم تركة حتى يقوم وارثهم مقامه، ضرورة زوال الإضافة الملكية التي كانت بينهم وبين الوقف بزوالهم لمكان تقيدها بزمان حياتهم