كما أن البيع عبارة عن تبديل المال بمال آخر بلا تبديل في طرف المالك ولا في إضافته إلى المال، بل الإضافة والمالك باقيان على حالهما، وإنما التبديل في المال، فالإرث والبيع متعاكسان من هذه الجهة لكون المتبدل في البيع هو المال، وفي الإرث هو المالك، وعلى هذا إذا كان الكافر مالكا لعبد كافر فأسلم العبد ثم مات مولاه يقوم وارثه مقامه في كونه طرفا لإضافته إلى العبد بعد اسلامه، فكما أن المورث بعد اسلام العبد مالك له لكنه يجبر على بيعه فكذا وارثه يصير قائما مقامه في كونه مالكا له مجبورا على بيعه وليس حاله إلا كحال المورث، وهذا خارج عن مورد الخبر إذ هو يدل على المنع عن انتقال المال إلى الكافر، وفي الإرث ليس الانتقال في المال وإنما وقع التبديل في المالك فلا يمكن أن يتمسك في المنع عنه بالخبر المذكور، وعلى هذا فلا يبقى مجال للحكم بانعتاق العبد ولا بانتقاله إلى الإمام أصلا، وما ذكرناه شئ موافق مع الاعتبار، ويمكن تطبيق الحكم عليه بعد أن لم يكن في المسألة دليل بالخصوص كما هو الشأن في أكثر أبواب المعاملات، هذا: ولكن المصنف (قده) لم يسلك هذا المسلك، بل سلك مسلكا آخر، حيث إنه جعل الدليل على المنع عن البيع عبارة عن نفي السبيل ثم عارضه بعموم أدلة الإرث ثم رجع إلى الاستصحاب بعد تعارض الدليلين، وحيث إن القدر المتيقن السابق هو رقية العبد لا ملك الوارث فإنه لا حالة سابقة له، أجرى الأصل في بقاء رقية العبد، ولما كان الثابت به بقائه على رقه وأنه لا ينعتق بموت المورث لا انتقاله إلى الوارث، قال بانتقاله إلى الإمام لكونه مقتضى الجمع بين الأدلة أعني أدلة الإرث وأدلة منع تملك الكافر للمسلم، هذا محصل ما سلكه (وفيه ما لا يخفى) أما أولا فلما في جعله الدليل على المنع من
(٣٥٥)